ما هي وظيفة الأحلام بالنسبة للسواد الأعظم من الشباب السعوديين ؟ لو وجهت هذا السؤال لجمع من الشباب فستجدهم يقولون: وظيفة أجرها مجز بالطبع.. وساعات عملها مريحة ويا حبذا لو يبدأ دوامها من التاسعة أو العاشرة.. يكون عملها غير مرهق، ولا يحتاج لمهارات وقدرات خاصة وتتخللها رحلات متعددة للخارج وتقدم بدل سكن وتعليم وطبابة لموظفيها كما تفعل جل الشركات الأجنبية لموظفيها وتكون مكاتبها رحبة وإجازاتها وفيرة. هناك سبب لتسمية وظيفة كهذه بوظيفة الأحلام.. لأنها وظيفة لا مكان لها إلا في الأحلام !! كثيرون حول العالم يحظون بوظائف مجزية في رواتبها وامتيازاتها ولكنها وظائف شديدة التطلب وتتطلب مهارات عالية وجدية أعلى.. هناك مشكلة حقيقية نواجهها في ثقافة العمل في المجتمع السعودي وأعذروا صراحتي ولكن تشخيص المشكلة هو نصف الحل. **** مر حوالى عقد من الزمان على طرح مشروع « السعودة».. وقد حشدت له الدولة بشكل لائق، بل وخلقت منظومة ثلاثية لدعمه « صندوق الموارد البشرية، نظام حافز، نظام نطاقات» ورغم كل تلك الجهود التي بذلك سجلت السعودية ثاني أعلى معدل في البطالة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.. وفي الوقت نفسه قفزت نسبة الوافدين لتشكل 33 في المئة من مجموع سكان البلاد!! وحتى الوظائف التي امتصت عددا من الشباب السعوديين انصياعا لسياسات الدولة فقد وطنت هؤلاء في وظائف هامشية « كالأمن والاستقبال» وكثيرا ما وظف أصحاب الأعمال موظفين لا رغبة بهم، بل إذعانا للقرارات الحكومية وبالتالي الاستغناء عنهم أو «تطفيشهم» بعد حين. والسؤال هو .. كيف بسوق عمل يوفر حوالى 476 ألف فرصة عمل جديدة . أنا لا أرى الحل في الضغط على أرباب العمل لتوظيف مواطنين ليكونوا « بطالة مقنعة» في الوظائف أو عالة على ميزانيات الشركات.. الحل في إخضاع العاطلين لبرامج تدريب مكثفة تسير جنبا لجنب مع برامج تثقيفية تؤسس لثقافة العمل اليدوي والحرفي. إن الحزم في تطبيق القانون ومشاريع وخطط الدولة مطلوب.. ومن المحمود أن نفكر في امتصاص العاطلين ولكن هذا لا يتأتى عبر إرغام الشركات على توظيفهم ورفع أجورهم وتهديدها بإيقاف تأشيرات العمل، بل عبر ترغيب الشركات والمؤسسات في توظيفهم برفع جاذبيتهم.