كل الذين استبشروا خيرا بثورة الاتصالات ودخول خدمة الإنترنت في دعم الإعلام وجعل قوته أضعافا مضاعفة أصبحوا قلقين جدا على مهنة الإعلام التي دخلت مرحلة زمنية حرجة، وسائل الإعلام الجديدة أفرزت إعلامييها معها في نفس الوقت الذي لم يستطع أسياد إعلام ما قبل الجديد أن يواكبوا النقلة التكنولوجية المدوية وانحسر دورهم في جلب إعلاميين جدد ليس لهم من مهنة الإعلام سوى أنهم يعرفون التعامل مع وسائل الإعلام الجديد، من كان يصدق أن صحفا أو قنوات إعلامية عالمية كبرى تنشر خبرا مصورا غير واضح من «اليوتيوب» عبر أحد الهواة دون أن تعتذر عن رداءة الصورة، وهي التي قبل الإعلام الجديد لا تقبل غير صور كاميراتها وكلام مراسليها وعلى درجة وضوح عالية جدا، انهيار الجودة والدقة في الإعلام الجديد سمحا بانتشار الفوضى والأخبار الكاذبة والملفقة، أصبح بإمكان أي هاو بسيط أن يصنع مشهدا مصورا بناه من بنات أفكاره ليصل الخبر في ظرف ثوان معدودة إلى كل مكان على سطح الكرة الأرضية، أسياد الإعلام الجديد ليسوا إعلاميين بالمعنى المهني بل هم مجرد تقنيين، والدليل أن الإعلام لم يكن في بالهم عند إنشاء وسائلهم الجديدة، عندما يظهر في مؤتمر صحافي الأب الروحي لموقع قوقل وينتقد الحريات الإعلامية في بعض البلدان أو غيره من أصحاب المواقع فهم لا يقولون كلاما يستند على خبرة مهنية في الإعلام بل حسب ما يقرأه في وسائل الإعلام غير الجديد، وسائل الإعلام الجديد فرضت على أساتذة الإعلام الحقيقي أساتذة إعلاميين آخرين لا يمتون إلى مهنة الإعلام بأي صلة، لو وقفت القنوات الإخبارية التلفزيونية وقفة مهنية جادة ورفضت نشر مقاطع «اليوتيوب» لعدم ملاءمته لجودة العرض الإعلامي المهني لظل اليوتيوب في مساحته المحدودة دون أن يدخل على الإعلام كمصدر إعلامي مهم وهو غير ذلك، انهيار مؤسسات الإعلام «القديم» أمام الجديد سببها تبعية أسياد الإعلام القديم واستسلامهم لتقنيي الإعلام الجديد ليعبثوا على كيفهم بمهنة الإعلام، المهنة الوحيدة التي تضررت من تطور وسائلها هي الإعلام، لدرجة أصبح الإعلام الجديد يسعى لوقف كل وسيلة إعلامية لا تخضع لسطوته!