مرت على بالي ذكريات الماضي الجميلة أيام الطفولة مع العيلة أيام الخرجات (القيلات) أيام كنا نروح روابي قباء، وكانت البساتين فيها كثيرة ومزارعها مليانه فواكه وأزهار أشكال وألوان، كنا نتمشى وندخل من طرق ضيقة بين البساتين ونشوف القماري والنغاري تغرد وتتنقل بين الأشجار نسمع منها أجمل الألحان، كانت أيام زمان أبواب البساتين مفتوحة لكل العيلات وفي الصيف العيلة اللي تمر على الفلاح في بستانه يعطيهم من المحصول هدية من كل الألوان، وفي العصرية يا سلام الله يردلنا الأيام كنا نتشعبط شجر اللوز الهندي ونسبح في البركة داخل البستان، ولمن ينزل المطر نلعب ونقول (يا مطرة حطي علينا) وكانت أمي الله يرحمها تطبخ لنا الرز بالعدس ومن موية المطر تسويلنا الشاي من يدها نشرب أحلى فنجان، وما أنسى أيام زمان كانت أفراح العيلة في (الشربتلية) داخل ديوان البستان، وأغنية غازي على ( ياروابي قباء يا ملتقى الخلان)، والله اشتقتلك يا أيام زمان كانت المقاهي الشعبية في قباء تظللها الأشجار وكراسيها (المركاز) مصنوعة من السعف المشدود بالحبال وقدامها شراب الفخار مرصوصه يعبوها القهوجية للزبائن من موية العين الزرقاء تروي العطشان وتطفي نار الحران، وكنا نشتري من بياعين البليلة والأيسكريم (الدندرمة) والفول والترمس والحلبة النابتة اللي كانوا منتشرين جوا المقاهي في كل مكان، أيام جميلة قضيناها داخل البساتين يوم كانت في قباء والعوالي والعيون وقربان، ودحين في الأيام هادي ولا شي باقي صارت البساتين مخططات أراضي خلت في القلب حسرة وفي العين محبوسة دمعة على أيام زمان.