لودر مدينة أسود الجبال كما يطلق عليها الاحتلال البريطاني أثبتت أنها جديرة بالحفاظ على هذا اللقب بعد دحرها آخر فلول القاعدة واستعادة وتحرير مدينتهم. لم تكن زياتي لمدينة لودر الاستراتيجية والتي تعتبر الأولى لصحيفة عربية وعالمية، عادية بكل المعايير باعتبار أننا شهدنا تطهير هذه المدينة من آخر عناصر تنظيم القاعدة وفلول أنصار الشريعة. ووصلت برفقة زميلي أحمد الشميري إلى منطقة مكيراس التابعة لمحافظة البيضاء قادمين من صنعاء في مروحية عسكرية من طراز أم أي 171 روسية الصنع التي أقلتنا من قاعدة الديلمي بالعاصمة صنعاء حيث وجهه وزير الدفاع اللواء ركن محمد ناصر أحمد بتخصيص مروحية عسكرية لكي تتمكن عكاظ من رصد واقع المدينة وتشهد آخر المعارك لتطهير المدينة ورصد الأجواء العسكرية بها. واستغرقت الرحلة ساعة واحدة حيث التقينا فور وصولنا رئيس أركان اللواء 26 حرس جمهوري العقيد ركن صالح عبده الدوبلي ومعه قائد الطاقم الأمني المقدم يحيى محمد سعد الثمثمي رئيس أركان كتيبة التأمين للواء 111 مغاوير. من المكيراس إلى لودر الرحلة من المكيراس إلى لودر استغرقت ساعة ونصف وشاهدنا خلالها آثار الدمار والخراب الذي لحق بالعديد من منازل المواطنين والنقاط والمراكز الأمنية المنتشرة على طول الطريق وأعالي الجبال جراء العمليات الانتحارية من قبل تنظيم القاعدة والمعارك الطاحنة التي وقعت بين التنظيم والجيش اليمني وأنصار الشريعة. تأمين الطريق عسكريا وأبلغنا العقيد الثمثمي أنه تم تأمين المنطقة بشكل كامل عسكريا من نقطة وصولنا مكيراس إلى لودر حيث تم تغيير مسار الطريق لظروف أمنية مفاجئة وسلكنا طريق وعرة وجبلية ترابية حتى وصلنا إلى مقر قيادة اللواء 111 مغاوير حيث التقينا محافظ محافظة أبين جمال العاقل وأركان اللواء 111 مغاوير العقيد فرج حسين. مقر القيادة الذي يقع شمال شرق المدينة كان مكتظا بأفراد الجيش وقوى مقاومة الشعبية والتي كانت تتأهب لإعادة تموضعها في عدة محاور المدينة. تحدثنا بداية مع محافظ محافظة أبين جمال العاقل الذي قال إن الجيش والمقاومة عازمون على استمرار ردع تنظيم القاعدة والحفاظ على مدينة أسود الجبال محررة بكل ما أوتينا من قوة. محافظ محافظة أبين جمال العاقل الذي بدت عليه السعادة والارتياح وهو يتحدث إلينا تابع قائلا: إن الوضع في المدينة مطمئن للغاية وتم دحر العدو. استمرار البحث عن الخالدي وسألته إن كان نائب القنصل السعودي المختطف من تنظيم القاعدة عبدالله الخالدي متواجدا تحت قبضة تنظيم القاعدة في مكان ما في لودر، قال لا نستطيع تأكيد ذلك ولكننا نبحث عن مكانه وننسق جهودنا مع القطاعات العسكرية لتحريره. وزاد: إن اختطاف الخالدي عمل إرهابي لا يقبله أي يمني شريف أبدا. العقيد ركن فرج حسين أركان حرب اللواء 111 مغاوير الذي كان أكثر حزما وشدة في حديثه حيث قال أن لودر أصبحت محررة بالكامل وسيتم طرد ماتبقى من فلول عناصر تنظيم القاعدة خلال الساعات القادمة. وأضاف أن فرقته تبحث عن الدبلوماسي السعودي الخالدي في إطار جهود القوات العسكرية لتحريره ولكنه لم يجزم باحتمالية وجوده في مناطق لودر مفيدا أن القاعدة بطبيعتها الغادرة تمكنت في الأيام الماضية من السيطرة على الجبال المطلة على المدينة وحاولت الدخول إليها لكن التكاتف الشعبي المؤيد للجيش اليمني نجح في صد تلك العناصر وتطهير جميع الجبال سوى جبل يسوف الذي تقهقرت تلك العناصر إلى خلفه. مجاميع القاعدة وراء جبل يسوف وأفصح أن مجموعة صغيرة لا تزال تتمركز خلف جبل يسوف ويجري حاليا قصفها بالمدفعية موضحا أن القصف الذي تعرضت له المدينة بقذائف الهاون توقف من قبل تلك العناصر قبل وصولكم للمعسكر بساعات وزاد: تمكنا من دحرهم في خنادقهم في قمة جبل يسوف إلى خلفه ولدينا حاليا معلومات استخباراتية أن تلك العناصر لا تزال خلف الجبل ونقوم حاليا بقصفهم لإجهاض أي مخططات يحضرون للقيام بها ضدنا. المقاومة والجيش في خندق واحد وخلال الجولة ألتقينا برئيس اللجان المقاومة الشعبية في لودر محمد عيدروس الجفري الذي أكد أن اللجان الشعبية ستقف إلى جانب الجيش اليمني في خندق واحد للقضاء على دعاة التخريب والنيل من وحدة اليمن واستقراره. وأضاف تسعى القاعدة إلى ضم لودر إلى ما يسمى بإمارة إسلامية وهذا لن يتحقق كونهم ليس لهم علاقة بالإسلام وهم يؤمنون بثقافة التدمير والذبح والخراب فقط.. وزاد قائلا: لجان المقاومة ترفض أعمال الخطف والابتزاز وتعمل جاهدة بكل الوسائل المتاحة للبحث عن ابن اليمن والمملكة عبدالله الخالدي. إطلاق قذائف على مواقع القاعدة بدأنا جولتنا في لودر حيث شهدنا في منتصف النهار آخر المعارك التي خاضتها كتائب من اللواء 111 مغاوير المنتشرة على قمم التلال مع فلول تنظيم القاعدة التي تمركزت وراء جبل يسوف والذي يبعد عن المعسكر حوالى خمسة كيلو مترات حيث أطلقت الكتائب قذائف المدفعية بكثافة على تجمعات تنظيم القاعدة التي تقهقرت إلى ما وراء جبل يسوف حيث تكبدت عناصر التنظيم الإرهابي خسائر فادحة. لقد شهدت لودر المدينة المحررة حصارا وسيطرة من قبل القاعدة قبل عدة أشهر ومواجهات عنيفة بين قوات الأمن وعناصر إلى تنظيم القاعدة ذهب ضحيتها المئات من الجانبين. ورغم تحرير لودر هذه المدينة التي تفتقر لأبسط مقومات العيش في جانب الخدمات الصحية، إلا أن الوضع العسكري مازال مفتوحا على كل الاحتمالات إذا لم يكن هناك تحركا دوليا داعما لجهود الحكومة والسلطات المحلية وتوفير الإمكانيات اللازمة للقوات الشعبية التي تخوض معارك طاحنة بسلاح الكلاشنكوف فقط ضد القاعدة. عدنا إلى المكيراس بعد تجربة غير مسبوقة سنتحدث عنها بالتفصيل لاحقا والتي رافقنا خلالها سلطان الباكري أحد مشائخ مأرب، والعقيد محمد حمصان من إدارة التوجيه المعنوي بوزارة الدفاع اليمنية. قصة لودر طويلة ولم تنتهي بعد.