في مقالة جميلة مرتكزة على دراسة أجرتها الأكاديمية العالمية للعلوم والهندسة والتكنولوجيا، ونشرت في مجلة (جرين بروفيت) في وقت سابق من هذا الشهر، وصفت الكاتبة الأمريكية (سوزان كريمر) إمكانات الطاقة الشمسية المتوافرة في المملكة العربية السعودية وصفا بديعا لم يسبقها إليه أحد حتى من المختصين في بلادنا حيث تقول بأن كل متر مربع من المملكة يمكن أن ينتج (7) كيلوواط ساعة من الطاقة الشمسية في كل 12 ساعة من ساعات النهار. وإذا ما قدر للمملكة أن تستفيد من طاقتها القصوى من إجمالي مساحة البلاد في إنتاج الطاقة الشمسية ليوم واحد فقط، فإنها يمكن أن تنتج 12,425 ثيرموواط من الكهرباء، بمعنى أنها يمكن أن تنتج في يوم واحد ما يكفيها لمدة 72 عاما. ولمزيد من الإيضاح تشير إلى أن استهلاك ولاية كاليفورنيا بأكملها من الطاقة الشمسية في اليوم هو في حدود (15) كيلوواط ساعة وذلك ما يعني أن بيت الكاتبة في كاليفورنيا يمكن أن يتم تشغيله بالكامل بالطاقة الشمسية بمترين مربعين فقط من الخلايا الشمسية إذا ما قدر له أن ينقل إلى المملكة. وتستمر الكاتبة في وصفها البديع بالقول بأن المملكة لو غطيت بأكملها بالخلايا الشمسية فإن مساحة تلك الخلايا ستصل إلى (2) ترليون متر مربع يمكن أن تولد (14) ترليون كيلوواط ساعة من الطاقة في اليوم المشمس فهو ما يكفي لإمداد العالم كله بالطاقة ذلك اليوم. وبالطبع تستدرك الكاتبة بأنه لا يمكن تحويل المملكة بأكملها لإنتاج الطاقة الشمسية ولكن هذه الأرقام يقصد منها إظهار الإمكانات الهائلة للبلاد كمنتج محتمل للطاقة الشمسية، وإمكانية تصديرها مثلما تصدر البترول حاليا. ولا تنسى الكاتبة الإشارة إلى أن احتياطيات المملكة النفطية يمكن أن تصل قيمتها الإجمالية إلى 30 ترليون دولار بسعر السوق الحالي 102 دولار للبرميل. وأنه يمكن للمملكة توفير أكبر قدر من هذا الدخل المحتمل إذا ما تمكنت من التوظيف الفعال لطاقاتها الإنتاجية المتاحة من الطاقة الشمسية. والحقيقة أن الحديث عن الطاقة الشمسية عاد بقوة مع الإعلان عن إنشاء محطة توليد للطاقة الشمسية لتوفير التدفئة لبعض مرافق جامعة الأميرة نورة بالرياض. وعاد الحديث عن تخصيص ما يزيد على (3) مليارات من الدولارات لتوليد 10% من احتياجات المملكة من الطاقة بحلول 2020م ، وذلك بإنتاج (5) جيجاواط من الطاقة الشمسية. ومشروع الجامعة ليس الوحيد الذي يعلن عنه ولكنه الأحدث، فقد سبق لأرامكو أن أعلنت سنة 2010م عن بناء محطات صغيرة لتوليد الطاقة الشمسية بهدف توليد ما بين 1 و2 ميغاواط من الكهرباء تكفي لتوفير الكهرباء لما يتراوح بين 240 إلى 280 منزل لمدة سنة كاملة. وتفكر أرامكو في حالة نجاح المشروع بتزويد كامل مجمع الشركة في الظهران بكامل احتياجاته من الطاقة الكهربائية. ولتوفير المساحة اللازمة لنصب ألواح الخلايا الشمسية وجدت الشركة أن الحل الأمثل يكمن في تغطية مناطق مواقف السيارات التي تبلغ مساحتها حوالى 18 هكتارا بتلك الألواح بحيث لا تضايق أحدا وتزيد من فعالية الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة. ولكن بحسب آخر المعلومات من أرامكو مازال الحديث نفسه يتكرر ولم تعلن الشركة عن مدى نجاح المشروع التجريبي الذي بدأته سنة 2010 وتوقعت حينها أن يكتمل هذا العام 2012م. والواضح أن التوجه للطاقة الشمسية كمصدر بديل للطاقة المستمدة من مصادر أحفورية قد أصبح مطلبا ملحا وخرج من دائرة الترف العلمي، ذاك أن المملكة تحرق 800 ألف برميل من النفط يوميا بحسب تصريح لزياد الشيحة الرئيس التنفيذي للطاقة في أرامكو. كما أن الطلب المحلي على النفط للأغراض المختلفة قد وصل في المملكة إلى 3,4 ملايين برميل حاليا ويتوقع له أن يزداد إلى 8,3 ملايين بحلول 2028م. ولكن يجب ألا تفقدنا رغبة التحليق في عالم الأحلام الوردية حقيقة الأمور على الأرض فالخلايا الشمسية تتعرض للتلف السريع في حال تعرضها مدة طويلة لدرجات الحرارة المهولة التي تتعرض لها بلادنا، إضافة إلى أن الغبار يفقدها ما يصل إلى 50% من فعاليتها وتحتاج للتنظيف اليومي والمستمر. كما أن توفر الغاز بأسعار مازالت معقولة يجعل من التوسع في استخدام الطاقة الشمسية وحتى الذرية مكلفا من الناحية الاقتصادية.. ويبقى أن أشير إلى أن مشروع جامعة الأميرة نورة كان من تصميم وتنفيذ شركة نمساوية، ومشروع أرامكو كان من تنفيذ شركة متفرعة من شركة شل العالمية للطاقة، ولم نسمع ذكرا لمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية التي تجري أبحاثا وتنفق عشرات وربما مئات الملايين على تطوير الطاقة الشمسية منذ ما يزيد على 25 عاما. ولم نسمع كذلك ذكرا لمؤسساتنا وشركاتنا الوطنية في إنتاج الطاقة الشمسية ولا لجامعاتنا وفي مقدمتها جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية التي تجري أبحاثا في هذا المجال منذ نشأتها. وأستثني من ذلك جامعة الملك فهد للبترول والمعادن التي يتردد الحديث مرارا وتكرارا عن اختراع طلابها لسيارة شمسية لم نرها على الطرقات بعد. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 130 مسافة ثم الرسالة