\أولا لست مع ثنائية (نحن واللغة) لأنها تشي بأننا غير اللغة فالعطف للمغايرة والحق أننا بلا لغة لا وجود لنا، وقد وضعت عنوان مقالي بهذه الصيغة جريا على عادة القوم، والإجابة عن العنوان ستكون في مقالات لاحقة، أما ثانيا فقد أغراني بالحديث عن اللغة العربية الدعوة الكريمة التي تلقيتها من الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، تلك الجامعة التي لا أتفق مع من ينعتها بأنها الجامعة التي لا تغرب عنها الشمس؛ لأن مفردة (الغروب) تشي ولو بعد حين بالنهاية، والأولى نعتها «بالجامعة المشرقة شمسها دائما» حتى ولو حجبت غيوم الانطواء إشراقها حينا من الدهر، لكنها الآن مع إدارتها الجديدة ومع ومديرها المتواضع تعيش تألقا وألقا.. على كل حال حينما غشيت هذا المؤتمر ألفيت أمورا تسدعي الإشارة، منها، أولا: أن اختيار هذا المؤتمر مكانا وموضوعا كان موفقا ومستجيبا لاستحضار مكانة الجامعة التي تعد بيت خبرة لتعليم اللغة العربية وبخاصة لغير أهلها، فكما هي الجسر لنشر اللغة هي الأنموذج الأمثل الذي يجلي لنا أن اللغة العربية مطلوبة لا طالبة ومرغوبة لا راغبة وتخدم من يتعلمها لا من يتباهى بخدمتها. ثانيا: عنوان هذا المؤتمر (اللغة ومواكبة العصر) عنوان يخلو من مفردات مللنا تكرارها ك (الضعف اللغوي، وخدمة اللغة العربية، وتيسيرها.. إلخ) وهو في ذات الوقت يشي برؤية وبأبحاث قد تكون ذات قيمة تطبيقية تتجاوز حدود الحديث عن لغتنا قوة وضعفا إلى آفاق أخرى تجعلها مطلبا حياتيا عصريا يلوي أعناق أجيالنا إلى أنها هي التي تحقق لهم الحياة الكريمة لا غيرها من اللغات كما سيتبين لاحقا ثالثا: أن الأبحاث بالرغم من الانتقائية التي أعلن القائمون على المؤتمر عنها لا تخرج عن منظومة الموضوعات التي تقدم في مثل هذه المؤتمرات غالبا إن لم يكن بعضها تكرارا لها، ومن يراجع المؤتمرات التي سلفت يجد حقيقة ذلك ابتداء من مؤتمر الجزائر عام1963م مرورا بمؤتمر: (ظاهرة الضعف اللغوي) الذي أقامته جامعة الإمام محمد بن سعود عام 1997م وانتهاء (بالملتقى الدولي للغة العربية) الذي عقد قبل أيام في الجزائر متزامنا مع مؤتمر الجامعة الإسلامية، وقدم فيه 250 بحثا وهذا يعني أن الجهود مبعثرة حول اللغة و«كلا يغني على ليلاه». خامسا: وهو بيت القصيد قول إحدى التوصيات: (الدعوة إلى إنشاء مجمع لغوي سعودي، يؤدي دوره في حماية اللغة العربية والذود عنها..) ولست بصدد الحديث عن المجامع ودورها، وهل قامت به؟ فتلك قضية يدركها كل متابع للهم اللغوي، ولكن مناقشتي لعبارة: (حماية اللغة والذود عنها) فمن يحمي من؟ ومن يذود عن من؟ الجواب في اللقاء القادم. * رئيس النادي الأدبي بجدة