أوصى المشاركون في المؤتمر الدولي الأول «اللغة العربية ومواكبة العصر» الذي اختتم أعماله أمس (الأربعاء) في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، حكومات الدول العربية كافةً إلى تفعيل ما تنص عليه أنظمتها من أن اللغة العربية هي لغة الدولة، وما يقتضيه ذلك التفعيل من إلزام الجهات والمؤسسات الحكومية والمصارف والشركات والهيئات والجامعات العامة باعتماد اللغة العربيةِ لغة رئيسة في مراسلاتها وعقودها ووثائقها وتعاملاتها باعتبارها عنواناً للهوية؛ إذ إنّ ذلك يحتاج إلى قرار سياسي داعم. ودعا المؤتمر الذي شارك فيه 66 باحثاً من أكثر من 30 دولة، إلى إنشاء مجمع لغوي سعودي، يؤدّي دوره في حماية اللغة العربية والذود عنها، ويكون له دور فاعل في التنسيق بين مجامع اللغة العربية في الوطن العربي وتوحيد قراراتها، مثمناً لمجامعِ اللغة العربية جهودها المميزة في خدمة اللغة العربية، وداعياً إياها إلى تقديم المزيد من الدراسات اللغوية، ومواصلة نشاطها في التفصيح والتعريب والتصحيح. وأمِل المشاركون في المؤتمر من الحكومات العربية أن تتخذ قرار التعريب الشامل للعلوم التطبيقية والطبية، تأسياً باللغات العالمية الحية التي فرضت وجودها ونقلت العلوم بلغاتها، ونجحت في ذلك، كما يدعو إلى توحيد الجهود العربية في تعريب مصطلحات العلوم من خلال مركزٍ متخصصٍ في الترجمة والتعريب على المستوى الوطني والعربي وتعميم إصداراته على الجهات المعنية بتعليم العلوم التطبيقية والمراكز البحثية في مجالاتها. وأعلنوا دعمهم للرؤى التجديدية الهادفة في الأدب العربي شعراً ونثراً، داعياً إلى اعتماد الثقافة العربية الإسلامية ركيزةً أساسيةً لهذا التجديد. وبعث المؤتمر دعوته لقادة الفكر والرأي في العالم العربي إلى إنشاء منظمة دولية علمية للغة العربية، تسعى إلى دعم استخدام اللغة العربية الفصحى في الحياة اليومية للشارع العربي، وإلى رسم سياساتٍ لغويةٍ منهجية، داعياً وزارات التربية والتعليم في الوطن العربي إلى الاهتمام التام بمعلمي اللغة العربية وحثهم على التحدث باللغة العربية الفصحى في قاعات الدرس ومنع التحدث بالعاميات. وحث المؤتمرون مجامع اللغة العربية واتحاد المجامع على التمسك بما ورد في قرارات إنشائها من متابعة الحالة اللغوية، وإصدار تقارير دورية بشأن «التلوث اللغوي»، وما يصيب اللغة من خلل الألفاظ والتراكيب, مشيرين إلى أنه من واجب المجامع اللغوية إعداد تقارير سنوية عن الحالة اللغوية، بعيداً عن الاستغراق في التنظير والتشخيص، وصولاً إلى مقترحاتٍ فعالة، مؤكدين على توحيد الجهود وتنسيقها بين الجامعة العربية ومجامع اللغة، والمنظمات التي تعنى باللغة، كمنظمة التعاون الإسلامي و «الإسيسكو»، وذلك لإنشاء آليةٍ دائمةٍ لتنفيذ التوصيات المتفق عليها في المؤتمرات السابقة. واستنهض المؤتمر جهود اللغويين العرب لبناء منهجٍ لغويٍّ متكاملٍ وموحد، يتلقاه الدارسون المتخصصون في العربية على مستوى الدول العربية والإسلامية كافةً، لتوحيد اللسان العربي، مع حثه على توظيف اللسانيات الحديثة في درس اللغة العربية، وتطوير تعليمها، والنهوض بمناهجها وطرق تدريسها. وأمل المؤتمر من الحكومات العربية والإسلامية ومن الموسرين من محبي لغة القرآن الكريم أن يطلقوا قنواتٍ فضائيةً لتعليم اللغة العربية وتقريبها لجيل الشباب والناشئة، وتوجيه برامجها نحو انتقاء الموضوعات التي تنمي لدى الناشئة حصيلةً لغويةً فصيحة. وحذر المشاركون من انتشار العامية في وسائل الإعلام، المسموعة والمرئية والمقروءة، وأوصوا بالعمل على الحد منها، والعمل على توحيد لغة الإعلام العربي، باستخدام الألفاظ والتراكيب الفصيحة، مشددين على خطر الدعوات المشبوهة الموجهة للتنظير للعامية والأخذ بها نطقاً وكتابةً بغرض إحلالها مكان الفصحى. وتطلع المؤتمر إلى إعادة النظر في مناهج مدارس اللغات التي تهمل العربية وتقوم على تدريسِ مقرراتها بلغاتٍ أجنبية، داعياً إلى تنمية الملكة اللغوية لدى الناشئة في المراحل الدراسية الأولى، وذلك بتحفيظهم القرآن الكريم والنصوص اللغوية الأصيلة، كما حث على وضع معجم تاريخي للغة العربية، يؤرخ لألفاظها ويتتبع التطور الدلالي الذي يطرأُ على معانيها.