لم ينج الطفل أمير ابن مدينة درعا (مهد الثورة السورية) من نيران جيش النظام السوري، ولم يحمه بيته الذي لم يعد آمنا من شظايا قذائف جيش الأسد التي طالت البيوت والمزارع وكل مناحي الحياة في درعا، حيث تحولت إلى مدينة مهجورة ولاذ أهلها بالفرار من الموت. وتقول والدة أمير، إننا طوال فترة الثورة وبعد أن استباحت العصابات مدينة درعا البلد حرصنا على إبقاء الأطفال في البيوت، حتى المدارس لم تعد تعني أولادنا بقدر ما نحرص على أمنهم وسلامتهم من الرصاص وقذائف المدفعية. وتضيف: مع ذلك لم ينج ولدي أمير من عقاب جيش النظام الجماعي، إذ أصابته شظية في رأسه سببت له حالة من الصرع، بات يغط بعدها في غيبوبة وانعزال عن العائلة، ولم يقف الأمر عند ذلك، إذ فقد أمير القدرة على الأكل والشرب، وبات يحصل على الغذاء من خلال «المغذي» الذي تحمله والدته في كل مرة ليتناول طعامه على هذه الطريقة. أمير أصبح الحالة الإنسانية التي تعبر عن معاناة جرحى الحرب على الشعب، وفي كل مرة يزور فيها المستشفى يخبر الأطباء والدته أن معالجة مثل هذه الحالة تتطلب مبالغ طائلة، لتعود والدته إلى البيت متأبطة هذا الكيس « المغذي»، لتتجدد معاناة أمير مرة أخرى، مع الحرمان من حياته الطبيعية. أما والد أمير فبقي في سورية يحمي ما بقي من بيته، وخرج أمير وأخوته مع والدتهم إلى الأردن خوفا على حياتهم، ليكون غياب الأب حملا آخر يثقل كاهل أمير وأخوته ووالدتهم الذين يمضون الساعات في مخيمات الأردن وكأنها أيام مع معاناة يومية تتجدد .. على أمل العودة إلى الوطن بعيدا عن رصاصات القتل.