يترقب جميع أبناء منطقة جازان ورجالاته هذه الأيام عودة فريقهم العريق نادي التهامي إلى الأضواء من جديد، وتحقيق الانتصارات والبطولات التي غاب عنها برهة من الزمن، معتبرين خوض الفريق الأول لكرة القدم بالنادي للتصفيات النهائية المؤهلة لدوري الدرجة الثانية، فرصة رائعة لتحقيق طموحات وآمال جماهير ومحبي هذا النادي العريق، ويعتبر نادي التهامي بمنطقة جازان من اعرق وأقدم الأندية بالمملكة تأسيساً حيث يعتبر سادس ناد ويقال الخامس حيث تأسس عام 1368ه. في عام 1365ه اجتمع نخبة من شباب منطقة جازان لإيجاد مكان يمكنهم من خلاله تطوير مواهبهم الرياضية والثقافية وكان يدعمهم أمير المنطقة حينذاك الأمير مساعد بن أحمد السديري، الذي كان له دور كبير في تحقيق ذلك الحلم، من هنا ولدت فكرة إنشاء نادي التهامي الذي استمد تسميته من سهول تهامة التي تعتبر جازان جزءاً منها،و كان من أوائل رواد هذا النادي محمد سالم باعشن يرحمه الله الذي أخذ على عاتقه حلم تأسيس هذا النادي إضافة إلى من كانوا يساندونه ومنهم علي إبراهيم جراد ويحيى مصفي واحمد موسى بكري ومحمد مصيري واحمد بالبيد وغيرهم، ومن الذين تولوا الإشراف على النادي في بداياته الأولى محمد سالم باعشن و محمد السنوسي وحسن بهكلي ومحمد عقيلي يرحمهم الله. وفي عام 1368ه تم رفع أوراق تسجيل النادي إلى وزارة الداخلية التي كانت تتولى الإشراف على الشباب ورعايتهم آنذاك، وفي عام 1370ه صدر قرار وزير الداخلية باعتماد التهامي نادياً تربوياً اجتماعياً ورياضياً ونظراً لعدم وجود فرق أو أندية رياضية أخرى بالمنطقة في ذلك الوقت فقد كان النادي يمارس النشاط الرياضي مع الفرق الوافدة للمنطقة عن طريق ميناء جازان الذي كان يستقبل البواخر المحملة بالبضائع والركاب باعتبار جازان مركزاً تجارياً هاماً، وكان الشيخ محمد سالم باعشن يأخذ على عاتقه تنظيم تلك المباريات. وفي عام 1384ه انطلقت المشاركات الرسمية للنادي في المباريات، نفس العام الذي شهد تشكيل أول مجلس إدارة رسمي لنادي التهامي من علي شعراوي واحمد عبده مدخلي ومحمد احمد بريك ومحمد عبده مدخلي واحمد عيسى وحسن راجح وابراهيم مفتاح ومحمد الدريبي وعلي حمود ابو طالب وابكر عمر سالم، ثم تعاقب على رئاسة النادي كل من حسن خالد الأمين ومحمد سالم باعشن وعلي حمود ابو طالب وعبدالعزيز الهويدي وكرامة علي الأحمر والدكتور عبدالرحمن محمد عقيل ومحمد ناصر عديني وكانت معهم مجموعة من خيرة شباب منطقة جازان. رمز لا ينسى يعتبر محمد سالم باعشن يرحمه الله الأب الروحي لتحقيق حلم أبناء المنطقة ذلك الوقت بإنشاء ناد رياضي يحتضن مواهبهم، والمؤسس الحقيقي لهذا الصرح «التهامي» مع رجالات كثر وقفوا معه وقفة رجل واحد حتى تحقق لهم ما كانوا يصبون إليه، ولد الشيخ محمد سالم باعشن بالمدينة المنورة عام 1339ه، ويعتبر من الرواد المؤسسين للحركة الرياضية بمنطقة جازان وعسير وله من الاسهامات والانجازات الكثير منها تأسيس الفرق الرياضية المدرسية بمنطقة جازان وخاصة فرق كرة القدم، وتأسيس نادي التهامي بالتعاون مع ابناء المنطقة، كما أسس نادي الخدمة الاجتماعية بجازان، وأسس رياضة سباق القوارب الشراعية واشرف على المسابقات التي تقام في المنطقة وخاصة في الأعياد، وساهم في تأسيس الحركة الكشفية بمنطقة جازان، إضافة الى مشاركاته في بعض الأندية واللجان المشكلة في المنطقة لتطوير النشاط الرياضي، وعين عضواً في نادي الفاروق بأبها ونادي الوديعة، ونادي أبها بمنطقة عسير. تكريم الرواد وتقديراً لجهوده التي قدمها لأبناء منطقته بشكل خاص وللرياضة والرياضيين بشكل عام، تم تكريمه من قبل صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن فهد بن عبدالعزيز الرئيس العام لرعاية الشباب في ذلك الوقت، ومنحه وسام الرئاسة العامة لرعاية الشباب، وفاء وعرفاناً وشكراً لجهوده المباركة في خدمة شباب الوطن وتطوير الحركة الرياضية بالمملكة العربية السعودية، وذلك في حفل تكريم رواد الرياضة السعودية الذي أقامه سمو الأمير سلطان بن فهد في جدة في قاعة المؤتمرات عام 1426ه . تاريخ رجل وتوثيق مسيرة الأديب والناقد والمؤلف والباحث العربي الدكتور عبدالرحمن الرفاعي، وصف محمد سالم باعشن في تصريح خاص ل «عكاظ» برائد الرياضة في منطقة جازان، وأشار الدكتور الرفاعي إلى أن الراحل محمد باعشن يرحمه الله تاريخ لا يمكن أن يسرد في دقائق أو لحظات عابرة، فهذا الرجل له الكثير من الانجازات فإضافة إلى كونه احد رواد الرياضة في منطقة جازان ومؤسس نادي التهامي، هو أيضا احد رواد الرياضة في منطقة عسير لما قدمه من أعمال لا يمكن أن ينكرها احد ، كذلك له العديد من الانجازات على مستوى التعليم ومجالات اخرى كثيرة وضع لنفسه بصمة فيها، وأضاف الدكتور عبدالرحمن قائلا: منذ وقت طويل وأنا أعمل على توثيق مسيرة هذا الرجل المشرفة، ومازلت حتى الآن اعمل على انجازها، وأعدكم بإذن الله أن تقرؤوا قريبا إذا أراد المولى عز وجل من يكون الشيخ محمد سالم باعشن وماذا قدم في مسيرة حياته، فهذا الرجل يستحق أن نقف أمامه وقفة جادة لرصد سيرته وإنجازاته وحراكه الاجتماعي المؤثر. معلم أجيال الدكتور مدني بن عبدالقادر علاقي وزير الدولة عضو مجلس الوزراء السابق، قال عن حياة الراحل محمد سالم باعش «كانت هناك أعداد قليلة من المدرسين الذين تولوا تدريسنا إلى جانب أبناء المنطقة، واذكر منهم الأستاذ محمود بليلة - رحمة الله عليه - وهو من مكة، والأستاذ عثمان شاكر وكيل المدرسة وهو من جدة، إلى جانب أساتذة آخرين من المنطقة هم: أحمد حربي، وأحمد بالبيد، وعلي بن أحمد عور، وعلى رأس هؤلاء مديرنا المثقف الأستاذ محمد سالم باعشن رحمه الله الذي ندين له بالاعتزاز والفضل والتكريم والوفاء. إنه أستاذ أجيال». رجال أوفياء الشاعر علي النعمي يرحمه الله قال قبل وفاته عن محمد سالم باعشن، عبارات الرجال الأوفياء، حين عبر عن مشاعره نحو هذا الرجل قائلا: كل شاعر في بدايته يحلم بأن يجد فرصة لصعود المنصة، لينثر إبداعه على المتلقي فمن أول من أتاح لي فرصة التحليق في جازان مسقط رأسي، وفرصة الوقوف أمام الناس كشاعر كان رائد الحركة الرياضية بمنطقة جازان مؤسس نادي التهامي محمد سالم باعشن، هذا الرجل الحكيم المخلص للوطن، كان الرياضي الأول في جازان، إلى جانب ذلك حسه الثقافي وإبداعه الفكري، هذا الرجل لن أنسى وقفته معي في إتاحة الفرصة الأولى للمشاركة في أمسية شعرية بنادي التهامي، وكان أول نشاط ثقافي لي بمنطقة جازان في عام 1392ه وهذه الأمسية حضرها وكيل الإمارة في ذلك الوقت الأمير محمد بن تركي السديري وألقيت قصيدة غزلية وطلب مني شاعر الجنوب محمد السنوسي إعادتها مرة أخرى، فبهذه العبارات وصف الشاعر النعمي الشيخ محمد باعشن في لمسة وفاء منه لهذا الرجل رحمهم الله جميعا . فخر واعتزاز اللواء ركن متقاعد عبدالوهاب محمد سالم باعشن، أحد أبناء محمد باعشن مؤسس نادي التهامي، يقول: أشعر بالفخر حين يذكر نادي التهامي، لأن والدي يرحمه الله كان مؤسسا لهذا الصرح الكبير الذي يعتبر سادس ناد عريق في المملكة العربية السعودية، فكل من عاصروا الوالد يرحمه الله، ومن هم على اطلاع بتاريخ النادي يؤكدون انه لا يذكر اسم الشيخ محمد سالم باعشن إلا ويذكر معه اسم نادي التهامي والعكس أيضا ، إذا ذكر التهامي ذكر معه اسم والدي يرحمه الله، وهذا الانجاز الذي حققه والدي شرف لنا نحن أبناءه، ناهيك عن مشاركاته المتعددة في الحركة التعليمية والثقافية في المنطقة . دعم النادي العريق علي محمد سالم باعشن، أحد أبناء محمد باعشن مؤسس نادي التهامي وقائد الفريق الأول لكرة القدم سابقا يقول: الفكرة جاءت قبل ما يقارب 66 عاما حينما كان والدي مديرا للتعليم، ويسعى إلى إيجاد حركة رياضية من خلال زيارة البواخر لميناء جازان وبها عدة جنسيات مختلفة، تم الاستفادة منها في تكوين فريق تحت مسمى التهامي، ليلعب أمام الزائرين وكان يقف إلى جانب الوالد الشيخ المرحوم احمد عيسى والأستاذ عبد العزيز الهويدي وغيرهم من رجالات منطقة جازان الأوفياء، ويضيف: والدي يرحمه الله يعتبر من مؤسسي الحركة الرياضية في الجنوب من خلال مساهمته في تأسيس التهامي وأبها ورئاستهما وكان التكريم له من قبل الرئاسة العامة لرعاية الشباب. ويصف علي باعشن الوقت الراهن بالمهم قائلا: التهامي بحاجة إلى وقفة من قبل الجميع وتكاتف جميع أبنائه ومحبيه، وأود أن أشير الى أن التهامي ناد عريق وبطل للجنوب يملك مواهب متعددة في مختلف الألعاب وعلى الجميع تحمل المسؤولية في إعادة سادس ناد سعودي إلى الواجهة الجنوبية على اقل تقدير، وسنقف جميعا إلى جانب النادي في المرحلة القادمة، إذ لا بد من استغلال المباريات القادمة والتأهل إلى دوري الدرجة الثانية بإذن الله.