التشجيع الرياضي في أرقى صوره يبدو فعلا معرفيا يتوحد فيه الإدراك الحسي بالتصور العقلي، وكم صدق الإمام الغزالي حينما قال (إن جمال المعاني المدركة بالفعل أعظم من جمال الصور الظاهرة للأبصار، وإن راحة القلب في إحساس ما يجل ويسمو عن إدراك الحواس أتم وأبلغ)! .. لا ينكر عاقل ما يحققه التشجيع الرياضي من توازن نفسي وسعادة ووقوف على تخوم المجد والبطولة، فالنادي الرياضي هو الوطن والسلطة، والآخر المنافس وفي رواية هو العدو..! الجدلية بين الفريق المحلي والمنتخب معظم جماهير كرة القدم في السودان تقدم الولاء للفريق المحلي على الولاء للمنتخب الوطني .. وعن هذا يقول محمد السر إنه يقر بحماسته لمباريات الهلال أكثر من حماسته لمباريات المنتخب الوطني، بينما يؤكد حسن عبدالرحيم أن فرحته بفوز المريخ أكثر من فرحته بفوز المنتخب الوطني، ويرجع عبد الله الطاهر السبب في فتور مشاعره تجاه المنتخب وتأججها تجاه فريقه المفضل إلى تكرار هزائم المنتخب الوطني وضعف التمثيل الكروي الدولي في السودان..! الأخوان باجعفر وظاهرة الأقطاب السؤال عن حالة شقيقين متباينين في ميولهما الكروية يبدو ساذجا – بل غبيا إذا ما جاء بمعزل عن جنون عاطفة التشجيع الرياضي – لكنه رغم غرابته وجد المأوى العاطفي المتسع في نفوس كثيرين جلهم من صفوة التشجيع .. وبعضهم من أقطاب الوعي الرياضي ..! الهلالابي والأمين العام السابق لفريق الهلال وشقيقه المريخابي ورئيس الاتحاد العام لكرة القدم ثم مقتضيات الرزق وأحوال التجارة التي جعلت من الهلالابي أمينا على تسويق منتجات المريخ، بعض الاتهامات الموجهة للشقيقين في هذا الصدد تحيلك إلى مشكلة الخطاب الرياضي الموجه في السودان وقصور نظرة المشجع المتعصب ..! وعن هذا يقول مالك جعفر الأمين العام السابق لفريق الهلال إن الميول الرياضية فطرية ويجب أن توضع في إطارها الرياضي وروحها الرياضية ولا تتعداه لتعصب أو فرض رأي أو إيذاء الآخر .. (أنا كنت أمين عام وناطق رسمي لفريق الهلال وكانت عندنا مشكلة مع الاتحاد العام وشقيقي الكبير هو رئيس الاتحاد العام لكرة القدم، فكان لا بد من أن تطغى المؤسسية .. الاتحاد العام هو أعلى مؤسسة والأندية تتبع إليه وهنالك لوائح تضبط العلاقة لكن الناس عادة يزاودون على ذلك .. ويتابع مالك جعفر قائلا (نحن كفريق الهلال دخلنا في مواجهة أو معركة مع الاتحاد العام من قبل وشقيقي معتصم كان نائب الرئيس لكن ذلك لم يمنعنا من قيادة معركة شرسة دفاعا عن حقوق النادي، أما كشقيقين فقد كان كل منا يمثل مؤسسته وبهذا الفهم نحافظ على علاقتنا الأسرية) ..! نجوم كرة القدم بشر يخطئون الدكتور عبد اللطيف البوني الكاتب الصحفي يقول إن الصحافة الرياضية لعبت دورا كبيرا في تأجيج التعصب الكروي تجاه الفرق وقد تكون هنالك عوامل موضوعية كثيرة تسببت بذلك، منها الفراغ الروحي والاخفاق السياسي، فأصبح النادي كأنه عقيدة والمشجع مع النادي بصرف النظر عن الخطأ والصواب في سلوك إدارته، وفي النادي الواحد يتعصب المشجع لإداري دون الآخر .. أما الحلول من وجهة نظره فتكمن في دور الإعلام الرياضي توعويا بأن يتخلى عن التعصب ودور الإداريين بأن يوسعوا آفاقهم وأن لا يهتموا بصورتهم على حساب الفريق وأن يقدم الجميع الانتماء للفريق على الفريق المحلي ..!