لا أحد يعرف أين اختفى (دوروفي).. هل سرقه أحد؟ هل قتله مختل لا يعرف الرحمة، هل هرب من المنزل لأنه سئم الوحدة وقتله الفراغ؟، كان ملء السمع والبصر على الأرائك بعض من تخيله وفى الزوايا بقايا من بقاياه. صوته يتردد فى أرجاء المنزل الكبير صورته لا تفارق خيال الجميع هنا كان يجلس، في الركن البعيد الهادئ كان يأكل وعلى الأريكة الرئيسية كان يستلقي، لا يمكن لأحد أن ينسى (دوروفي) حركاته وسكناته، لعبه ونومه، قيامه وقعوده. كانت حركاته مصدر سعادة الجميع لم يتخيل أحد أنه سيفقده في يوم من الأيام، فراقه صعب، سكاكين تحز على عروق الحياة فلا يجاوبها إلا الدمع تسفحه العين أسفا على فراقه، وكعادة البشر أمام المصائب والمحن تكثر التحليلات وينبري الجمع تعاطفا في إبداء رأي مقنع لهذا الفقد الأليم. فمن قال إنه لاحظ على دوروفي علامات الاكتئاب وكانت نفسه مسدودة عن تناول الطعام، وقال آخر كنا قساة عليه فلا يمكن أن نبقيه أسيرا لحبنا دون أن نبحث له عن نصفه الآخر فهذا نداء الطبيعة وطبيعة الحياة. ليست الحياة كلها أكلا وشربا ونوما ودعة، لقد كبر (دوروفي) وفي حاجة لمن يؤنس وحدته. كان لابد من إيجاد شريكة حياة له تقاسمه اللقمة وتحفظ لنا النوع وتملأ البيت بزينة الحياة الدنيا. كان صاحبه الذي حمل اسمه وتربى في أحضانه غائبا عن المنزل في رحلة عمل رسمية إلى الهند. خافوا عليه الصدمة لم يخبروه باختفائه ولما رجع تفقده بين الجموع فلم يجده فأوجس في نفسه خيفة وسأل بقلق مالي لا أرى (دوروفي) أم كان من الغائبين، أخرست الألسن وغارت العيون حتى تقدم إليه كبيرهم وقال له منذ غادرت غادر معك لم نجده عند بيوت الجيران وفي الحارات المجاورة كأنه فص ملح وداب. تمالك نفسه وجلس على أول كرسي في مجلسه الكبير وأدار رقما وصرخ لقد فقدنا (دوروفي) ابحثوا عنه في كل مكان، أريده الآن وتناوشته الأفكار هل هو جائع أو جريح هل مات!!. هل وقع تحت سطوة جبار لا يرحم!!.. امتقع وجهه، زهد في حياته، عاف طعامه وملذات حياته، يتلفت بعصبية زائدة، يدير القنوات الفضائية بلا هدف، أصبح سريع الغضب، يصيح لأتفه الأسباب، يردد بين الحين والآخر ضاع (دوروفي). تعب فأخذته سنة من النوم، وما هى إلا دقائق حتى هب واقفا وقد تصبب عرقه غزيرا، فتح عينيه بصعوبة وقد احمرت أوداجه وطفح الدم على وجنتيه فأحالهما كقطعة حمراء مردداً خير اللهم اجعله خير، بدأ يسترد حلمه، رأى الألوف مثل (دوروفي) وقد شردت بهم الحرب، سيقانهم مبتورة، وحناجرهم مذبوحة وأرجلهم مقطوعة وعيونهم مفقوعة وأشلاؤهم مبعثرة ونهر من الدم يجري، رأى (دوروفي) وقد قلعت عيناه وقطعت يده وهو يصارع الموت بين دمار المنازل وحريق الشوارع، يحتمي بعامود من رجال غلاظ شداد لا يعرفون الرحمة، همهم القتل والذبح، ورأى أحدهم وهو يحمل (دوروفي) من رقبته وبيده سكين يريد أن يجز رأسه، وهذه اللحظة هي التي هب فيها واقفا يصرخ خوفا مما رآه في حلمه المزعج، التفت ليبحث عن ماء يبل به ريقه الجاف ليجد (دوروفي) جالسا أمامه على كرسيه المعتاد سليما معافى تبادلا نظرات حب وعتاب وقفز بدلال ليجلس بجانبه كالمعتاد، سحب من أمامه جهاز اللابتوب ليسطر على (تويتر) الخبر الذي أسعده وأثلج صدره: أنا الرئيس الروسي دميترى ميدفيديف أنفي جملة وتفصيلا الأنباء المغرضة التي تحدثت عن ضياع قطتي العزيزة (دوروفي) أو هروبها خارج المنزل حسبما أعلنته الجريدة الأسبوعية (سوبيسيدنيك) وأن (دوروفي) لازال باقيا في المنزل، وأنها أخبار مختلقة من تلفيقات الرأسمالية الأمريكية وأعداء أصدقائنا السوريين للضغط علينا من أجل الفيتو، شاكرا لكل من تفضل بالسؤال عن (دوروفي).. هذه واحدة من الصور التي تجعلنا نفكر ألف مرة في وضعنا المزري الذي نعيشه بكل آلامه وأساه، عشان (بسة) تقوم الدنيا وتقعد ويموت في سوريا الألوف من الأطفال دون أن يطرف لهؤلاء جفن، يستخدمون الفيتو ليحموا السفاح وأفعاله. فاكس: 6975040 E. Mail: [email protected]