كنت أظن بأن مشكلتنا مع إخفاقاتنا الإدارية في إدارة مشاريعنا ليست بذلك التعقيد، إلا أن تجربة شخصية مررت بها يوم الأربعاء الماضي 19/5/1433ه ، أكدت لي بأننا نحتاج فعلا إلى وقفة أكثر جدية لمعالجة هذا الخلل الذي أصبح مزمنا. والقصة باختصار تتلخص في أنني تلقيت دعوة كريمة من قناة (MBC) للمشاركة في برنامج الثامنة الذي يقدمه الإعلامي السعودي المتألق الأستاذ داؤود الشريان في حلقة تتحدث عن مشكلة إخفاق مشروعاتنا التنموية، ولأهمية الموضوع كقضية وطنية مهمة وملحة ألغيت كافة ارتباطاتي رغم أهميتها، وتكفلت القناة مشكورة بترتيب الحجوزات من جدة إلى الرياض على الرحلة رقم (1028) وكان موعد إقلاعها عند الساعة الحادية عشرة صباحا، وبالفعل تحركت الطائرة في موعدها وأثناء عملية الإقلاع فوجئ قائد الطائرة بوجود خلل فني في محركها فقرر العودة إلى البوابة وتم إنزال جميع الركاب ليتم تبديل الطائرة، وفي الساعة الثانية والنصف تقريبا تم الإعلان للركاب لصعود الطائرة البديلة، وبالفعل تواجد جميع الركاب على متن الطائرة، وبعد ساعة تقريبا فوجئ الركاب بترك الكابتن الطائرة رافضا قيادة الطائرة، وأظنه ضاق صدره وعاد إلى منزله، فتم استدعاء كابتن آخر. وطيلة هذا الوقت الضائع والمهدر كان حبل التواصل بيني وبين القائمين على البرنامج متواصلا على مدار الساعة وكانوا على اطلاع بما يدور، ورغم محاولاتي الدائبة للبحث عن رحلة بديلة، إلا أن المشكلة بالنسبة لخطوطنا حلت في السادسة وعشر دقائق مساء، ولم يعد ثمة أمل لي في اللحاق بالبرنامج مما استدعى نزولي من الطائرة. بالطبع ثمة الكثير مما يقال حول هذا الموقف مثل: من المسؤول عن الأضرار المادية التي لحقت بالمسافرين في هذه الرحلة جراء التأخير، والمعاناة الصحية والنفسية؟. ومن هي الجهة المسؤولة عن تعويضهم ؟. الخطوط الجوية السعودية التي احتفلت في محرم 1416ه بيوبيلها الذهبي، هل يعكس أداءها هذا خبرة أكثر من نصف قرن من العمل في مجال النقل الجوي، وأين الجدوى من تراكم الخبرة إذا كانت هذه هي محصلتها ؟!. هذا فيما يخص مستوى خدمات مؤسسة وطنية بحجم وخبرة الخطوط السعودية، وهو مثال يعكس بشكل واضح حجم المشكلة، إلا أن شأن الأخ العزيز داؤود الشريان كان هو الوجه الآخر لهذه المشكلة، فالحلقة التي دعيت للمشاركة فيها كانت تحديدا عن هذه الإخفاقات، وكان يتابع مع فريق العمل في البرنامج وقائع ما يحدث لي، لذا فإنني توقعت بداهة من ناحية مهنية أن يبدأ الحلقة بهذه الواقعة ليعتذر لمشاهديه عن غياب ضيف حلقته من ناحية، وليتخذ من هذه الواقعة مدخلا ومثالا حيا على موضوع الحلقة، مما كان سيؤكد أهمية وحيوية القضية التي تتناولها الحلقة، ولكنه لم ينتهزها سانحة أتيحت له. إلا أن هذه الواقعة، وأعلم أنها تتكرر بأشكال مختلفة في مؤسساتنا الخدمية، وربما على نحو يلحق أضرارا أفدح من هذه، أكدت لي بأننا نحتاج بالفعل إلى معالجة هذه القضية بشكل أكثر جدية وموضوعية، وهذا ما سنتناوله الأسبوع المقبل بإذن الله. * أكاديمي وكاتب سعودي www.binsabaan.com