عزا اقتصاديون تأخر صدور نظام الرهن العقاري إلى البيروقراطية، الأمر الذي يطيل أمد أزمة السكن في المملكة دون مبرر. حيث قال المحلل الاقتصادي فضل البوعينين ل «عكاظ»: أن سوق العقار بحاجة إلى سن قوانين وأنظمة تساعد على عملية التمويل، وتمكن من تأمين المسكن للباحثين عن السكن بدلا من الإيجار، وهذا مالا يمكن تحقيقه ما لم يقر نظام التمويل العقاري، والذي تدور حوله كافة الأنظمة العقارية. وتأخر صدور نظام الرهن العقاري تسبب في حدوث أزمة السكن، ودفع المواطنين إلى الاقتراض الاستهلاكي، والتوسع فيه بدلا من التوسع في الاقتراض العقاري، وكأننا نقول أن النظام دفع بالمواطنين إلى طلب مزيد من القروض الاستهلاكية وحرقها إما في سوق الأسهم أو في المنتجات الاستهلاكية، بدلا من استغلالها الاستغلال الأمثل في توفير المنزل أو الوحدة السكنية التي تعتبر استثمارا قبل أن تكون منزلا خاصا للأسرة يحقق لها الأمن المستقبلي. التفاف وتلاعب وأوضح البوعينين أن كتابات العدل مع بدايات الثمانينات الميلادية من القرن الماضي كانت لا تتردد في رهن العقار للبنوك مقابل التمويل، كما أن النظام يخول لكتابات العدل بإجراء الرهن في الوقت الحالي، إلا أن كتابات العدل بدأت بالتشدد شيئا فشيئا في هذا الأمر، وحتى اليوم لا يمكن إجراء رهن عقاري من خلال كتابات العدل، إنما الذي يحصل أن البنوك بدأت تلتف على النظام من أجل تطبيق الرهن العقاري قبل إقراره، ومثال ذلك أن البنوك أسست شركات عقارية الهدف منها تملك العقارات، فعندما يطلب المقترض التمويل من البنك فإن البنك يشتري العقار نيابة عن المقترض ويتم تسجيل المنزل باسم الشركة التابعة للبنك بدلا من رهن الصك، وبذلك تنتقل ملكية المنزل أو الأرض من صاحب العقار الأصلي وهو المقترض إلى الممول وهو البنك، ولكن ليس باسم البنك بل باسم الشركة التابعة للبنك، وذلك بسبب تأخر صدور نظام الرهن العقاري. مبينا أن المشكلة الأساسية التي تواجه القطاع المصرفي في الوقت الحالي وتواجه أيضا طالبي القروض العقارية قبل إصدار نظام الرهن العقاري تكمن في أن البنك يقيم طالب التمويل بناء على راتبه الشهري وعمره، ولا يتم التقييم على العقار، بينما أن الرهن العقاري لا علاقة له بالراتب في الغالب، بل بالعقار الذي يعد الضمانة الحقيقية للقرض. وأضاف البوعينين بأن نظام الرهن العقاري تأخر صدوره كثيرا، فمنذ أن كان وزير الاقتصاد والتخطيط الدكتور محمد الجاسر في مؤسسة النقد، وهو يردد أن النظام سيصدر قريبا، وحتى الآن لم يصدر، ومبرر ذلك التأخير هو البيروقراطية. مشيرا إلى أن حدوث أزمة السكن في المملكة، سببها عدم وجود نظام الرهن العقاري الذي يساعد المواطن البسيط على شراء منزل العمر، وهو ما أصبح صعبا مع ارتفاع مستوى التضخم. اتساع الفجوة بدورها، أكدت المستشارة الاقتصادية في مركز الأفق الوطني انتصار القحطاني، أن نظام الرهن العقاري يفترض أن يوفر غطاء تمويليا ضابطا للعمليات التمويلية والعقارية لتوفير الوحدات السكنية لجميع المستفيدين وهو في الواقع استجابة لتحديات الفجوة السكنية ومواكبة للتطور التنموي وينبغي أن يسرع في تطبيقه وليس تأخيره. مؤكدة أن إشكالية الإسكان تتطلب إصدار نظام الرهن العقاري فالوقت لا ينتظر، وفيما ندرس ونتأنى أكثر من اللازم تتعاظم الاحتياجات وتتسع الفجوة السكنية، لأن الخيارات التمويلية ضعيفة أو معطلة، وينبغي أن نسرع من تشريع الأنظمة التي تحفز السوق والعقاريين والمؤسسات العقارية للتفاعل مع متطلبات التنمية وليس أن نقيدها في أطر ضيقة.