رغم اقتناعي أن كثيرا مما ينشر في الصحف لا يكون صحيحا وغالبا يكون محرفا أو مغلوطا أو مكذوبا، إلا أني مع ذلك أرى أن ما تنشره الصحف من أخبار وحوادث لا ينبغي أن يتجاهل ولا بد أن ينظر فيه، فإن كان غير صحيح لزم محاسبة ناقل الخبر ومحرره، وإن كان صحيحا فإن التجاوب معه هو الأمر المطلوب من أجل تحقيق الصالح العام. من الأخبار المنشورة في الصحف التي يصعب على الإنسان تصديقها، ما نقلته إحدى الصحف، من أن قاضيا في المدينةالمنورة حكم بالسجن المؤبد على رجل احتسى الخمر وضرب زوجة أبيه وأحرق سيارته، وكان القاضي قد حكم عليه في البداية بالسجن ثلاث سنوات ومائتي جلدة وتعويض الوالد مبلغا من المال عن السيارة المحروقة، «غير أن الأب وقبيل الإفراج عن ابنه بستة أشهر عاد إلى القاضي مطالبا إياه بأن يغلظ العقوبة في حق ابنه حتى يتقي شره حال إطلاق سراحه»، فأصدر القاضي حكما جديدا يقضي بحبس الرجل حبسا مؤبدا، وقد مر عليه الآن في السجن 12 سنة وهو يحاول أن يحصل على الإفراج عنه بلا فائدة!! خبر يصعب تصديقه، ويثير الشك حول صحته، ليس لقسوة الأب أو لعقوق الابن كما يقول البعض، وإنما لموقف القاضي نفسه، هل القاضي يصدر أحكامه القضائية وفق أهواء المدعين؟! إن صياغة الخبر بهذه الصورة توحي بذلك، فالقاضي بمجرد أن أسر إليه الأب بتخوفه من تكرر اعتداءات الابن عليه ورغبته في تغليظ العقوبة له زيادة في التحرز، بادر القاضي إلى إراحة الأب من ابنه نهائيا بإصدار حكم يبقيه في السجن بقية عمره!! ما يجعلني أهتم بهذا الخبر وأتوقف عنده لأتحدث عنه، ليس لأنه يتعلق برجل سجن ظلما سجنا مؤبدا (رغم أهمية هذه القضية)، وإنما لأن الخبر أكبر من هذا بكثير، الخبر يتعلق بنظام قضائي عام، وما ورد في الخبر لا يخرج عن أن يكون أحد أمرين؛ إما أن القضاء في بعض محاكمنا يحتاج لوجود ضابط، بعيدا عن الأهواء والعواطف، وإما أن صحافتنا غير محترفة في نقل الأخبار وصياغتها فتنشر أخبارها بطريقة تشوه الحقائق وتسيء إلى المؤسسات العامة وتمد الناس بمعلومات مغلوطة تثير في نفوسهم الغضب والاستياء!! مثل هذا الخبر لا ينبغي أن يمر بصمت، فهو يضع أمامنا قضية خطيرة، إن صدق، ويوجه إلى القاضي تهمة بالغة الضخامة حين يصدر حكما بالسجن المؤبد بلا موجب يستدعي ذلك الحكم البالغ القسوة. هذا الخبر، إن صح ما ورد فيه ينبغي أن يعرف الناس تبعات هذه القضية وما الإجراء الذي اتخذ بشأن القاضي. وذلك للحفاظ على قدسية القضاء ومهابته فلا يفقد الناس ثقتهم في القضاة واحترامهم للقضاء. أما إن كان الخبر كاذبا ومحرفا فإن من أعده وأجاز نشره يستحق المحاسبة، فهو يسيء إلى المؤسسة القضائية إساءة بالغة ويهز مكانتها في نفوس الناس. فاكس 4555382-1 للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة