نظمت إمارة منطقة مكةالمكرمة في الثاني من الشهر الجاري ورشة عمل حول التعدي على الأراضي.. وذلك بحضور ممثلي إمارات مناطق المملكة والقطاعات الحكومية ذات العلاقة. ويأتي تنظيم هذه الورشة بعد أن أصبحت التعديات على الأراضي ظاهرة خطيرة بما لها من تداعيات أمنية وحقوقية وتنموية. ولقد كشفت ورشة العمل تنامي هذه الظاهرة إلى الحد الذي استمرأت فيه فئة من المعتدين على الأراضي إلى نصب الخيام وإعلان مزايدات على أراض بيضاء لا يملكونها.. وإلى الحد الذي أصبحت تنشر فيه إعلانات في دول أخرى عن بيع أراض في مكةالمكرمة من قبل أشخاص معتدين لا يملكون هذه الأراضي.. وذلك لا ريب تجاوز على الحدود واعتداء على الحقوق.. فلقد شرع المولى عز وجل الحق الفردي وأيده بمؤيدات شرعية تحفظه من الاعتداء عليه.. وشرع حق الجماعة وأيده كذلك بمؤيدات شرعية تمنع الاعتداء عليه.. حيث تضمنت نصوص الشريعة تحريما صريحا بائنا للتملك عن طريق النصب والسرقة والاختلاس. قصص واقعية كثيرة تروى عن أشخاص دفعوا «تحويشة العمر» لشراء أراض.. وبينما ينتظرون ريثما يمتد العمران إليها ليتمكنوا من بناء سكن لهم عليها.. إذا بهم يفاجأون بين ليلة وضحاها بمن سطى عليها في وضح النهار.. ببناء مختلس في غفلة من جهة الرقابة. وعند مراجعته خرج المختلس حاملا السلاح في وجه أصحاب الأرض المالكين الحقيقيين.. أو عند شخوص مسؤول التعديات خرج بنسائه وأطفاله استعطافا وتسترا وتمنعا !!. وهناك من يعتدي على الأراضي الحكومية.. وهي ملك عام وحق عام.. فيكون بفعله قد حرم المجتمع من نفع عام كان من الممكن أن تقام عليها مرافق عامة.. مسجد أو مشفى أو مدرسة أو مقر للدفاع المدني أو الشرطة.. أو غيرها.. فالمشاريع التنموية تحتاج إلى أراض. ولعل ضعف الوازع الديني وعدم مراعاة المولى عز وجل يأتي في مقدمة الأسباب التي أدت إلى تنامي هذه الظاهرة.. كما أن ضعف الأنظمة المعنية بحماية الأراضي يعد من أبرز الأسباب.. وأيا كانت الأسباب.. فإن علينا جميعا وليس على الدولة فقط واجب التصدي الصارم وبلا تسامح لهذه الظاهرة المشينة المتنافية مع أحكام الشريعة الإسلامية الغراء.. الضارة بالمجتمع والسالبة لحقوق الناس.. كما يجب على الأجهزة الحكومية المعنية واجب محاربة التعديات على الأراضي بكل حزم وجدية.. حتى يدرك المعتدون ومعظمهم من الهوامير أن الأمر ليس سائبا وأن الدولة لا يمكن أن تصمت أمام عمليات النصب والغلول هذه.. وهناك لا شك حاجة إلى تعميم ونشر الأحكام المتعلقة بحرمة الاستيلاء على الأراضي الحكومية وأراضي الغير.. ومشاركة وسائل الإعلام في نشر الوعي بحرمة التعدي على الأراضي والأضرار الناتجة عن ذلك على الوطن والمواطن. ويجب أن يعاد النظر بصورة عاجلة في أنظمة الاستحكام المطبقة في المحاكم.. وخاصة مفهوم ما يعرف ب(إحياء الأرض) الذي أسيئ استخدامه كثيرا. ولا يسعني ختاما إلا أن أحيي سمو أمير منطقة مكةالمكرمة على اهتمامه الكبير بمواجهة هذه التعديات السافرة.. حتى تنتهي بإذن الله تعالى.