مثلما قدمت مواقع التواصل الاجتماعي والإعلام الجديد ك«فيسبوك» و«تويتر» و«يوتيوب» فرصة الاقتراب من نجوم كان الوصول إلى بعضهم صعبا، إن لم يكن مستحيلا؛ أطلقت في الوقت ذاته حبل الاستهتار على غاربه بين يدي جماهير لم يبلغ بعضها حد النضج والوعي الكافي بضرورة احترام النجم الذي فتح لهم أبواب التواصل معه بسخاء روحي يؤكد على ذوقه وتقديره لمتابعيه. تذكرت هذا أثناء مشاهدتي الحلقة السابقة من برنامج «نورت»، الذي عرض على شاشة ال«إم.بي.سي» مستضيفا نخبة من النجوم، بينهم نجمتنا الإعلامية «لجين عمران»، ولم أستطع منع نفسي عن التأثر وأنا أسمع تعليقها النازف حزنا بشأن أولئك الذين يقودهم الفراغ لمحاولات نسف سمعة النجم وثقته بنفسه على صفحات تلك المواقع، لا سيما إن كان هذا النجم امرأة سعودية تحاول إثبات كيانها الإنساني والمهني باجتهاد واضح، وتسعى بأقصى طاقتها البشرية لإتمام مسيرة التألق رغم أوجاع دربها المحفوف بالعقبات. المشكلة الأخطر، والأكثر إيلاما، والأكبر استعصاء على الفهم؛ هي أن مساحات الإساءة، والضرب، والطعن، والاستنقاص التي تتعرض لها المرأة السعودية الطموحة في تلك المجالات أوسع كثيرا من مساحات الهجوم التي يواجهها الرجل. وبينما نرى مجتمعات أخرى مجاورة؛ تماثلنا في الدين، وتشاركنا التاريخ والعادات والتقاليد تدعم طموحات المرأة بكل صورة، وتدفعها دفعا للإنجاز والتفوق والتألق، نجد مجتمعنا متحفزا للقبض على أية نجمة واعدة مذ بدايات تبرعمها لسحق روحها، واعتصار طموحها، وإلغاء وجودها، وكأن ثأرا أزليا مجهولا بينه وبين الأمل والطموح ما دام مرتبطا باسم امرأة! وما أن تتنفس تلك المرأة الطموحة قليلا عبر مواقع التواصل الاجتماعي حتى ترتطم آمالها بمخلوقات تحاول قلب موازين تلك المواقع لتجييشها ضدها ومحاربة نجاحها بها! لا يصل النجم إلى عرش نجوميته إلا بعد خوض بحار من الجهد والعناء والدموع، ولا ترتقي نجمة سعودية إلا بعد خوض أمواجها المتلاطمة التي تنهمر بكل قوتها في سباحة واثقة عكس تيار التخلف والجمود والخضوع، وأقل رد فعل يجدر بالكسالى مواجهتهن به هو الصمت المهذب إن لم يكن على ألسنتهم خير يقال. [email protected]