البارحة؛ كنت أقضي وقتا ممتعا مع ذكرى الدكتور غازي القصيبي التي مازالت تتوهج بين سطور كتابه الشهي «استراحة الخميس»، واستوقفني تعليقه الخفيف الظريف على فقرة من كتاب «الحب في الأربعين» للدكتورة والباحثة الاجتماعية المثيرة للجدل فوزية الدريع. تقول الدكتورة في كتابها المذكور: «رجل الأربعين يقف أمام المرآة كما تقف المرأة. وحين يخلو مع نفسه في الحجرة أو الحمام يتحدث هو الآخر بأسى مع المرآة، ويلتصق بها ليرى الخطوط التي بدت تحت عينيه، ويقرص شحم بطنه بين إصبعيه ليُدرك انه بدأ يترهل، وهو الآخر تصيبه كآبة فقدان الشباب». لن أنقل لكم تعليق الدكتور القصيبي بوخزاته الطريفة على هذا الكلام لأنني أجد أن الإبحار في عالم الكتاب كله مغامرة لذيذة تستحق خوضكم التجربة، لكنني – من جانبي- لم أستطع تمالك زمام مخيلتي عن عقد مقارنة سرية يفرضها الواقع المنظور بين الإعلامين «التقليدي» و«الجديد» وفق تلك الرؤية، مادام ترهل معظم قنوات الإعلام التقليدي – أقول معظمها وليس كلها- عاجزة عن مواكبة رشاقة الإعلام الشبابي الجديد، لا سيما أمام العقليات الشابة التواقة إلى الحرية الفكرية والروحية غير المحدودة بحدود، الأمر الذي يجعل من قنوات الإعلام التقليدي في خطر محدق ما لم تقف وقفة صدق مع الذات أمام مرآة الواقع الصريحة وتتخذ قرارات جريئة تنسف قدرا كبيرا من مكرساتها التي تشكل عائقا في الوصول إلى العقليات الشبابية. إن جئنا للحق؛ لا يسعنا إنكار أن وسائل الإعلام التقليدي الرسمية تتمتع بمهنيّة، وانضباط، ومراعاة لأخلاقيّات الكلمة والتواصل؛ وتتفوق على الغالبية الكاسحة من تلك القنوات التي تمخض عنها الإعلام الجديد، لكن عامة الناس ممن تغريهم الصورة الجذابة والأخبار الساخنة ال «مشطشطة» لا يخطر لهم ذلك على بال، ولا يعنيهم ذلك من قريب أو بعيد، وفي النهاية ينزلق هدف «صناعة الرأي العام وتوجيهه» من بين يدي قنوات الإعلام التقليدي لتحاصرها مصائد قنوات الإعلام الجديد الموجّه، وتأتي الأخبار وتذهب؛ ليبقى ما يترسخ في كيان الرأي العام ويصنع توجّهاته الجمعية. للتواصل عبر تويتر: https://twitter.com/#!/zainabahrani [email protected]