لم يتبق من الزمن الجميل شيء، في زمن التكنولوجيا وثورة الاتصالات سوى الذكرى، صحيح أنها قربت الصوت البعيد، لكنها غيبت فرحة الناس بلقاء بعضهم ببعض ولماتهم في ليلة العيد، حيث كانت ليلة العيد في قريتي«الجمالين» والتي يقاس عليها قرى بني سعد، تجمع أهل القرية في مكان واحد يسمى «الدكة»، وهو المكان المنبسط أمام البيت، وكان الناس يحضرون بعض الأكلات كالعصيدة والرز والتي كانت تحضر خصيصا للعيد ويسمونها العيدية، وكان الشخص يتنقل بين الصحون إرضاء للجميع، وكان العيد يمثل الحب والتآلف بين أبناء القرى، وهنا تذكر عمي ردة رحمة الله حيث كان الشخص الذي يجمع ويوجه ويحدد مكان التجمع. وأتذكر محمد بن عويض، يحي بن صافي، سليم بن سويلم، صالح بن معيض، حامد بن أحمد، حسن بن معيض رحمهم الله جميعا، وكانوا يقولون ويطولون في شؤون القرية مع الشيخ وبعض كبار القرية، وكان عمي ردود بن عامر وعبد العالي بن جابر ينافسون ماجد المهندس وراشد الماجد في الوقت الراهن بقصائدهم الجميلة وفي مجالس السمر المساجلة. اليوم ابتعدت فرحة العيد من الوجوه، بعد أن هاجر أهل القرى إلى المدن، ومن رجع منهم في العيد إلى قريته تجده لا يغادر داره أو استراحته، ليبقى الحنين للماضي وتبقى «الدكة» التي ما زلت احتفظ بذكراها.