كانت الإشارة دائما إلى أن الأطفال وحدهم الذين يشعرون بالغيرة، بسبب التفرقة في معاملة الآباء، حتى أن فرويد، أشار في أبحاثه إلى أن النساء عادة أكثر غيرة من الرجال، وأرجع ذلك، إلى الفوارق البيولوجية بين الجنسين، ويمكن ارجاع حالات الغيرة عند الرجل، إلى التفاوت بين الرغبة والواقع، بين النزعة إلى التملك المطلق، وما يهدد هذه النزعة، أو بين ما يمكن أن نسميه بالشراهة الوجدانية، كوسيلة من وسائل التبرير والدفاع عن النفس، أو الهروب من واقع الحياة، فالرجل الغيور يسقط على زوجته رغبته اللا شعورية، في الفرار من قيود الزوجية أو التخلص من العهد الذي قطعه على نفسه في فترة الخطوبة أو السنوات الأولى للزواج. فيأخذ يتشكك في صدق حبها، ويكون هذا الشك من العوامل التي تثير الغيرة في نفسه، دون أن تكون هناك في الواقع أسباب حقيقية تبرر هذه الغيرة. وقد يشتد انفعال الغيرة عند الرجل بشكل غير عادي، فتصبح حالة مرضية نفسية لا يمكن فهمها إلا في ضوء العلاج بالتحليل النفسي، فالرجل الغيور هو شخص عاجز عن حب صاحبه حبا صادقا، إنه أناني أو كما يقال يحب ذاته، فهو يركز كل اهتمامه على نفسه وكثيرا ما يطلب من زوجته ومن أصدقائه الحب، ويطلب الاهتمام الزائد. إنه رجل يريد أن يأخذ دون أن يعطي، فإذا انصرف عنه المحبوب أو أصدقاؤه ، رأى ذلك خدشا لكرامته، وتحقيرا لنفسه، فيغضب تحت تأثير الغيرة الوهمية غير المبررة.