يرى عالم النفس فرويد أن المرأة أكثر، يقول: (المرأة لديها قابلية للغيرة والحسد أكثر من الرجل، لأن المرأة تُكبت رغباتها منذ الصغر ولا يسمح لها أن تكون عدوانية كالرجل، ولذلك فإن رغباتها المكبوتة تتحول إلى شعور بالغيرة والحسد..) ومعروف عن فرويد تطرفه في آرائه، والشاهد إرجاعه تصرفات الناس للجنس! وللعقاد رأي مماثل، ولكن السبب مختلف (تواتر بين الناس أن المرأة أشد غيرة من الرجل؛ لأنها تستغرق شعورها في الحب ولا تستبقي لنفسها بقية، تلوذ بها عند الخيبة.. فحياتها بين غيرة تُضعفها الشبيبة والسذاجة، وبين غيرة تضاعفها الكهولة والعلم بطبائع الرجال، فهي إذا كانت فتية جاهلة بالحياة كان ألم الغيرة عندها شديداً قاسياً على قدر الفتوة العارمة والثقة المخدوعة، وهي إذا كانت كهلة محنكة أشفقت من إدبار العمر واشتدت غيرتها على قدر اشتداد الشك والحذر من تقلب الرجال، وهي في الشباب والكهولة أسرع إلى الهرب والإدبار، فهي لهذا أغير من الرجل وأعنف في هذه الخالجة العتية الهوجاء)، ويقول: (إن الغيرة ثمرة الحب والأثرة والخوف وهذه العناصر الثلاثة تُثمر في طبائع النساء ما ليست تثمره في طبائع الرجال، فهؤلاء وهؤلاء يغارون، ولكن أحرى الجنسين بالزيادة من هو أحرى بالإشفاق، وأخسر صفقة في الضياع). أما الأذيب (أناتوك فرانس) فيرى أن الرجل أكثر غيرة من المرأة؛ لأن خياله أقوى: (إن الرجل الغيور يتهم المرأة لكونها تحيا وتتنفس، وهو يخشى خطوات السريرة ونزعات الجسد والفكر، التي تجعل من المرأة مخلوقاً آخر منفصلاً عنه بنفسه، مدفوعاً بغريزته. متناقضاً في طبيعته. ممتنعاً على الفهم، فالرجل الغيور يتعذب لأنه يرى محبوبته تتفتح عن طبيعها الحلوة كما تتفح الزهرة.. أما المرأة فلا تحس في نفسها شيئاً من هذه الخواطر الجامحة وأكثر ما تظنه غيرة منها إن هو إلا شعور بالمنافسة، فأمّا هذا العذاب الواصب في كل جارحة من جوارح الرجل والغيور، وهذه الوساوس الشيطانية التي تتحكم في خياله، وذلك الهياج الجسدي الثائر لديه فلا شيء من ذلك عندها إلا القليل جداً). قلت: فرويد والعقاد أقرب للعلم والفلسفة، وفرانس أديب وأظنه كتب ما سبق وهو غارق في عشق فاتنة تتفتح عن طبيعتها الحلوة كما تتفتح الزهرة - على حد تعبيره - واعتقد أن المرأة أشد غيرة من الرجل لكنها أقدر على كتمانها وهذا يعذبها أكثر.