تستحق عروس البحر الأحمر.. جدة، أن تكنى بمدينة الأسواق، فبين جنباتها عشرات المراكز التجارية والمتنوعة، التي تنامت منذ عقود مضت، عرفت خلالها أسواق العروس بتقاليد وعادات تجارية، كانت عنوانا لأصحاب المهن والمستثمرين آنذاك، خاصة في سوق البدو، والندى، وقابل، والعلوي. والآن.. حيث تشهد عروس البحر الاحمر نهضة عمرانية وتنموية شاملة، تسربت الى أسواقها الكثير من السلبيات، وتسرب منها عدم الالتزام بشروط وقوانين العمل التجاري. فليس من المستغرب أن تباع البضائع المقلدة في وضح النهار، أو ان تجد من يدير محلا تجاريا مرموقا بعمالة وافدة، لا تستطيع التحدث بالعربية. وأكثر ما تتركز تلك الملاحظات في الاسواق الشعبية، حيث الافتقار للمرافق العامة، وتكثر العمالة السائبة. انتظار التطوير يقول العم مكي السيد، صاحب محل للعطارة في سوق باب مكة، منذ الإعلان عن تطوير المنطقة القديمة، ونحن نتحين موعد التطوير، فالسوق وكما تشاهد تتجلى فيه العشوائية، بل ان مواقع البسطات التي صرحت لها امانة جدة بالعمل، تعيق حركة المرور في السوق، وتسببت في حالات ازدحام المتسوقين، والتي تزداد في ايام المواسم والأعياد. ويضيف: أرضيات وممرات السوق القديمة، اصبحت تنخرها اعطاب مواسير الصرف الصحي، وتنتشر فيها مخلفات المتسوقين، مع غياب واضح لعمال النظافة عن السوق. بضائع رديئة وفي سوق البوادي الشعبي شمال شرق جدة، لم تختلف المعروضات والسلع عما هو موجود في أسواق المنطقة التاريخية. حيث مئات السلع رديئة التصنيع، ... تم استيراد غالبيتها من دول جنوب شرق آسيا، أو تم تصنيعها محليا، لتوزع وبشكل كثيف على معظم اسواق جدة. يقول المتسوق محمد عبد القادر ل «عكاظ»، إن شراءه لبعض البضائع المقلدة ينحصر في الملابس الخفيفة والأحذية وبعض مواد ومستلزمات النظافة، حيث لا تكمن هناك خطورة في الاستخدام كحال الأجهزه الكهربائية، او ضرر على الصحة كمواد التجميل والعطورات ومستلزمات الأطفال الصحية. ويضيف: هناك الكثير من الذين تضطرهم ظروفهم المالية للشراء من النوعيات المقلدة، خصوصا ذوي الدخل المحدود، والمقيمين، ولذا تجد أن المواد المقلدة تشهد رواجا عند كثير من المتسوقين.. فالمضطر يركب الصعب كما يقولون. من جهته، قال عضو لجنة مكافحة الغش التجاري السابق عبد الله القحطاني، انه وكأحد الغيورين على مدينة جدة وأحد ساكنيها، يرى أن مشكلة البضائع الرديئة والمقلدة، تعود الى تجاوزات التجار في استيرادها. واضاف: في السابق كنا نتهم مصلحة الجمارك بالتقصير لإفساحها بدخول البضائع المقلدة للاسواق، الا أن المسؤولية الاكبر تقع على عاتق التجار، الذين يقومون باستيراد «المقلدة» والعمل على إدخالها للأسواق، وتسويقها من خلال العمالة الوافدة المنتشرة في معظم المحال التجارية. وحذر القحطاني من انتشار البضائع المقلدة، وارتباط تسويقها بسيطرة العمالة الوافدة على العديد من الاسواق الشعبية والمحال التجارية، التي ترغب في الربح السريع ولو على حساب صحة الإنسان وحياته. مشيرا الى أن رغبة الكثير من المواطنين والمتسوقين بشراء السلع بأسعار رخيصة ساهم بشكل كبير في رواج السلع المقلدة، وخاصة العطورات والاكسسوارات، والمنتجات التي لا تؤثر بشكل كبير على صحة الإنسان. واختتم القحطاني تصريحه ل «عكاظ» قائلا: لكن في النهاية يجب ان لا نغفل عن مسؤولية حماية المستهلك في مكافحة البضائع المقلدة، فهي مسؤولة عن ذلك، كمسؤولية العديد من الاجهزة الرقابية على الأسواق. نموذج سنغافورة بدروه علق عضو لجنة المرافق والبيئة في غرفة جدة المهندس محمد بن مسلم الحربي، على افتقار كثير من الاسواق للخدمات العامة، بالقول: إنها مشكلة في عموم مرافق جدة، كالحدائق والساحات العامة وليست مقتصرة على الاسواق فقط. والحل في نظري يتمثل في خصخصة الخدمات المقدمة، على غرار ما هو موجود في سنغافورة ودول أخرى، حيث يدفع المتسوق رسوما رمزية عند استخدامه المرافق العامة، كالمواقف مثلا، وهو ما سيطبق في كورنيش جدة عند الانتهاء من تطويره. ويضيف: أما بالنسبة لعشوائية الاسواق وعدم تنظيمها، فهذا يتطلب من امانة جدة القيام بدراسة هذا الجانب، وإيجاد تنظيم ليس فقط للاسواق بل حتى للمحال التجارية بشكل عام، حيث تجد ثلاث محطات للبنزين في شارع واحد، وكذلك الحال لمشكلة المباسط في اسواق جدة، فالأمانة تمنح المباسط التصاريح دون النظر الى اماكنها في السوق، ومزاحمتها لحركة المتسوقين والمشاة، ولتضرر أصحاب المحال من منافستها تجاريا.