تشعر وأنت تدخل المطارات الأوروبية والأمريكية بالتهديد وعدم الارتياح لما يمارسه موظفو الجوازات والجمارك من ضغط نفسي وأسئلة استفزازية خصوصا إذا كنت ذا بشرة سمراء وجواز سفرك ينتمي لإحدى دول المشرق العربي والإسلامي. ويتعرض كثير من الأبرياء للإيقاف والتحقيق الظالم بدون وجه حق خصوصا بعد أحداث سبتمبر الشهيرة. يتضح الاستعلاء والغرور للدول ذات العرق الأوروبي الأبيض ابتداء من إجراءات الحصول على التأشيرة فيتجرع الإنسان كأس الذل وتطال هذه الممارسات أحيانا شخصيات ذات هيئة اعتبارية. ترسخ الثقافة الأوروبية العنصرية في أقبح صورها، إذ توظف أخطاء فئة قليلة من العرب والمسلمين لأهداف سياسية سواء كانوا يحملون جنسية البلدان التي يقيمون فيها أم لا وحادثة تولوز دليل متجدد في هذا الاتجاه. وجه آخر لسوء المعاملة يتمثل في منع الرموز الثقافية والسياسية العربية والإسلامية أحيانا من دخول هذه البلدان بينما يستقبل بابا الفتيكان استقبالا رسميا رفيع المستوى، فمن حقه أن يبشر بالكاثوليكية ويدعو لبناء الكنائس ويدافع عن حقوق أتباع ديانته، ويصنف غيرهم في المقابل بأنهم دعاة الكراهية والتحريض على العنف. هناك تجارب إيجابية لاندماج العرب والمسلمين في الغرب فأين الإعلام الغربي عنها وأين هي قيم الديموقراطية وحقوق الإنسان والتنوع الثقافي التي يتشدقون بها ليل نهار. الإعلام والسياسة الغربية يفتقدان للضمير الأخلاقي والمهني؛ فمقتل ستة عشر أفغانيا من عائلة واحدة على يد مجند أمريكي يمر مرور الكرام ويتم ترحيله إلى بلاده دون محاكمة عادلة، ومازالت أيديهم ملطخة بدماء عشرات الآلاف من الأطفال والنساء في العراق وأفغانستان وغيرها. ليس من مصلحة صناع القرار الأوروبي اللعب بالنار بالاستمرار في سياسة التأجيج وتكريس الصورة النمطية المشوهة عن المسلمين الذين أصبحوا مكونا رئيسا في أوروبا حيث تشير التقديرات إلى وجود 45 مليونا وسيصل عددهم60 مليونا بحلول عام 2030م. رغم التحيز الأوروبي ضد قضايانا، أعتقد بضرورة دعم نقاط الالتقاء والتعاون والبعد عن مناطق الصدام والتوتر بين الحضارتين الإسلامية والأوروبية في عالم تزداد الحاجة فيه للاعتماد المتبادل لتعزيز المصالح المشتركة بين الثقافات والشعوب. * أكاديمي وكاتب للتواصل: Facebook.com/salhazmi1