عندما نستعرض شريط الذكريات المكاوية، أيام زمان الحلوة، نقف على أبهى الصور في ترابط النسيج الاجتماعي، ففي تلك الحقبة الزمنية التي وقفت فيها البيوت متلاصقة الجدران، كانت القلوب قبلها مترابطة، حيث يعرف أهل الحي وساداته المريض فيعودونه، والمحتاج فيساعدونه، والمخطئ فيقومونه، وكل ذلك تم بصورة وحدوية متكاملة بين أبناء الحي جميعا، وربما من الإجحاف القول أن كل هذه الصور الاجتماعية البهية تلاشت اليوم واختفت، فالخير باق في أمة محمد حتى قيام الساعة، لكن يمكن الحكم بأنها باتت محدودة لا تجدها في كل المجتمعات، ولهذا فإن المسؤولية تتضاعف أمام المؤسسات الاجتماعية لإعادة الروح للمجتمع المكي ليكون صفا واحدا تجاه رياح التغريب والتغيير التي غزت كل المجتمعات في عقر دارها، ومن هذا المنطلق جاءت الخطوة المباركة في تدشين ميثاق الشراكة الاجتماعية مؤخرا بين كافة مؤسسات المجتمع المدني وبما يضمن تحقيق الرسالة السامية من البناء في المكان والإنسان والقيم وكانت هذه الخطوة التي لقيت صدى كبيرا في الأوساط الثقافية والتربوية هي المحك الرئيس تجاه بناء مجتمع قيمي صامد أمام كل التحديات. لا بد لنا في مكةالمكرمة أن نمد جسور التواصل مع الجمعيات القائمة التي تعنى بالعمل التطوعي الاجتماعي الذي يعيد الروح إلى الحياة الاجتماعية ويصبغها بالصبغة التكافلية التعاونية وخاصة أن المسؤولين في المنطقة يتبنون هذا النهج القويم ويدعمونه وتأصلها بالشكل الذي يمكن من خلالها بناء وحدة مجتمعية ذات نسيج متماسك تذوب فيه كل الفوارق العرقية والطائفية والاجتماعية ولا تقف فيه الطبقية حاجزا أمام المشاركة في بناء هذه البقعة المقدسة.