لم يكن مستغربا على الوسط الثقافي العربي المطلع على كتابات الروائي اللبناني ربيع جابر فوز روايته (دروز بلجراد.. حكاية حنا يعقوب ) بجائزة البوكر العالمية في نسختها العربية للعام 2012م، حيث اعتبر عدد من المثقفين أن جابر يعد واحدا ممن يمتلكون ناصية الحرف وتوظيفه في عمل أدبي من الطراز الرفيع منذ روايته الأولى (سيد العتمة) التي نشرها سنة 1992 يوم كان في العشرين من عمره والتي فازت بجائزة الناقد للرواية ذلك العام، وحتى اليوم الذي كلل فيه مسيرته بهذه الجائزة الرفيعة. منذ العام 1992 م وحتى 2009م نشر ربيع جابر سبع عشرة رواية بمعدل رواية واحدة كل عام. وقال الروائي جمال الغيطاني إن جابر كاتب بارع مؤكدا استحقاقه للجائزة: جابر روائي مهم جدا ولديه تجربة متجددة ومميزة توضع في الاعتبار، لأنها مفعمة بروح الشباب بشكل واضح. من جانبه، رأى الروائي الشاب محمد ربيع أن الجائزة تأخرت طويلا على ربيع جابر الذي رشح من قبل لها عدة مرات، معتبرا أن الكاتب يستحق الجائزة بكل تأكيد، مشيرا إلى أن نتائج الجائزة الأخيرة باتت دليلا جيدا على تخلص الجائزة من الشبهات التي كانت تحوم حولها من وجود تربيطات لمنحها لأشخاص بعينهم، عندما بدأت تذهب لمن يستحقونها. وعلى الرغم من أن مسيرة الكاتب الروائية كانت حافلة بالإنتاج إلا أنه لم يكن إنتاجا ركيكا، بل كان ملفتا حيث كانت الروايات في مجملها غنية ومتنوعة في أجوائها ومشاربها وأساليب كتابتها ،ولاشك أن المطلعين على تلك الروايات يدركون ذلك جيدا. أما فيما يتعلق بروايته (دروز بلجراد) الفائزة بجائزة البوكر لهذا العام فقد كان الكاتب موفقا ومحترفا في استلهام الأحداث التاريخية وتوظيفها كأساس لبناء هذه الرواية وشخوصها، مازجا بين شخصيات حقيقية وأخرى تاريخية بأسلوب لا يخلو من المتعة والتشويق. منذ العنوان الذي يفرض على من لم يقرأ تاريخ البلقان والدولة العثمانية تساؤلات عن حقيقة وجود طائفة درزية في تلك البقعة من شرق أوروبا وفي بلجراد تحديدا (عاصمة صربيا حاليا ) ومن أين جاءوا وكيف ارتحلوا إلى هناك وهل قدموا من لبنان أو سورية وفلسطين. استطاع ربيع جابر في روايته إعادة القارئ إلى تقليب صفحات التاريخ وصولا إلى الصراع الدرزي الماروني منذ عام 1840 حتى 1845. والتي رجح المؤرخون أنها نشبت على خلفية خلاف بين صبيين من الطائفتين اختلفا على لعبة فامتد الخلاف إلى العائلتين ومن ثم إلى الطائفتين، والتي أخمدت لفترة بسيطة لكنها بعثت أكثر دموية وقوة في عام 1860 وهو العام الذي شهد ارتكاب مجازر وحشية بين الطائفتين .ومثل صراع الطائفتين بؤرة أدت إلى التدخل الخارجي لتغذية الصراع كل بحسب مصالحة حين استغلت أوروبا الفرصة للتدخل في شؤون الإمبراطورية العثمانية. فبينما اعترضت فرنسا بشدة على مقتل الآلاف من الموارنة، كانت بريطانيا تلعب دورا آخر في دعم الدروز وتسليحهم. وحاولت روسيا أن تلعب دورا ما وتتدخل عن طريق دعمها للطائفة الأرثوذكسية. بدورها فرنسا قامت في ذلك الوقت بنشر قوة مؤلفة من 6000 تحت مسمى حفظ الأمن. بعد ذلك يجري سرد الرواية وإبراز حكاية حنا يعقوب وعذاباته منذ ترحيله وهو الماروني بائع البيض المسكين مع الدروز من قبل السلطات العثمانية إلى البلقان وحتى عودته لأهلة في لبنان. وكانت هيئة الجائزة العالمية للرواية «البوكر» فى نسختها العربية ودورتها الخامسة لعام 2012، قد أعلنت مساء أمس الأول فوز الكاتب اللبنانى ربيع جابر بجائزتها عن روايته «دروز بلجراد.. حكاية حنا يعقوب»، والصادرة عن المركز الثقافى العربى. يذكر أن لجنة تحكيم الجائزة فى دورتها الخامسة، تكونت من الكاتب والناقد السورى جورج طرابيشى، رئيسا للجنة، وعضوية كل من الأكاديمية والناشطة المصرية فى حقوق المرأة هدى الصدة،و الصحفية والناقدة الأدبية مودى بيطار، والأكاديمى والباحث الإسبانى الدكتور جونزالو فيرنانديز باريلا، والكاتبة القطرية الدكتورة هدى النعيمى.