اختزل عضو مجلس الشورى الدكتور سعيد بن محمد المليص مسيرة 60 عاما قضاها مابين وزارة التربية والتعليم ومكتب التربية الخليجي ومنظمة التربية للعلوم والثقافة «اليونسكو» وعضوية مجلس الشورى في دورته الأولى ودورته الحالية. وبدأ المليص سرد مذكراته منذ كان طفلا في قريته الحالمة قرية «الريحان» ببني ضبيان في منطقة الباحة التي كان لابن عمه الشيخ سعد بن عبدالله المليص الفضل بعد فضل الله في انتشار التعليم النظامي في المنطقة، وتحفيز أبناء المنطقة جلهم للاتحاق بركب العلم والتعليم الذي أفرز قياديين على مستوى المنطقة، بل على مستوى الدولة وتعدى ذلك كثيرا بتمثيل بعضهم الدولة في محافل دولية كبرى. سرد المليص ذكرياته باحترافية وبتواضع جم عرف عنه واتصف به، حيث تحدث عن كافة جوانب الحياة الاجتماعية له ولاسرته ولققصه مع ذاته وتحديه معها حتى تبوء مكانة مرموقة في الدولة. المليص الذي عنون كتابه ب«حتى لا أنسى الصفحة الأولى»، جاء بعد إلحاح كثير من رفاق دربه وأحبته وأبنائه وأبناء عموته الذين تلمسوا في ذكرياته تاريخا لابد أن يسطر ليبقى شاهدا على زمن قدم فيه المليص جل وقته وجهده لخدمة دينه بكل شرف وإباء، حيث بدأ كتابه بالفصل الأول «وفاء وذكرى» الذي نسب الفضل فيه لأهل الفضل في لمسة وفاء وتقدير لمن أسهم في تشكيل مسيرته الحافلة بالإنجاز والتميز، مبتدئا حديثه ببدايته ونشأته ومراحل الدراسة سواء كانت قبيل النظامية أو بعد الاعتماد، حتى جاء اليوم الذي أطلق عليه فيها اسم أستاذ وهو في سن الحادية عشرة من عمره متحدثا عن مدرسة الجبل والرمادة ومدرسة محضرة التي شهدت بداياتها في التعليم كما تناول في هذا الفصل مرحلة دراسته الجامعية وذكرياته في مكةالمكرمة وثانوية الفلاح وثانوية دار التوحيد كمعلما. وفي الفصل الثاني تناول المليص التعليم تاريخ ومسيرة، مفصلا مراحل التعليم وانتقاله من مرحلة إلى مرحلة، حيث كان شاهدا وحاضرا في كثير من القرارات التي حولت مجرى الوزارة، ومنها التقويم الشامل للتعليم في المملكة واستحداث وظائف جديدة للمعلمين وتخفيف العبء على معلمي المرحلة الابتدائية وتطوير مادة اللغة الإنجليزية، وفي الفصل الثالث تحدث الكاتب عن مجلس الشورى واليوم الأول فيه متناولا أعمال المجلس والقرارات التي خرجت من قبة المجلس الخاصة بالتعليم، وفي الفصل الرابع تناول المليص مكتب التربية العربي لدول الخليج والمرحلة الجديدة التي اعتبرها الكاتب منعطفا هاما في حياته بتقديمها عدة مشاريع منها مشاريع اللغة العربية والتربية الإسلامية وبرامج المكتب من عام 1420إلى 1429ه أثناء فترة عمله كمدير للمكتب، وفي الفصل الخامس حددها الكاتب بعودته للوزارة مره أخرى وقضايا جديدة ولائحة للمعلمين ووظائف جديدة ومشروعات تربوية قائمة وتطوير مناهج ومشروع المدارس الرائدة والتعليم الثانوي المرن والتقويم الشامل وقرار دمج ذوي الاحتياجات الخاصة والإدارة القيادية التحويلة واختلاف النسق الإداري بين قطاعي البنين والبنات قبل الأمر الملكي بتوحيد الإدارة العليا فيهما، وخروج مجموعة من قيادات الوزارة في آن واحد ومشروع الملك عبد الله بن عبد العزيز لتطوير التعليم وعوائق العمل الإداري، كما تناول المليص عضويته في المجلس التنفيذي لليونسكو وتمثيله للمملكة في العديد من المؤتمرات الدولية، متناولا تلك اللحظات التي وصفها المليص بالسعيده وهو خروجه من الوزارة ولم ينس المليص آلامه وجراحه في العملية الجراحية التي أجراها في القلب سرا، ولم يعلم بها سوى ابنه الأكبر وسكرتيره الخاص وأحد أصدقائه كما ذكر، والأغرب من ذلك أنه قدم إلى المستشفى ودخل إلى غرفته دون المرور على التشريفات في المستشفى، والذي هو من حقوقه ككبير موظفي الدولة، لقد ضرب المليص أروع وأجمل عبارت التواضع والمثالية، كما عهدناه وعرفناه ذلك الرجل الذي يفيض حبا للجميع ويؤثر كل الناس على حساب نفسه، وعرج الكاتب في الفصل السادس إلى عودته مرة أخرى لقبة مجلس الشورى في سابقة تعد الأولى من نوعها على مستوى المجلس، حيث دخله عضوا في المجلس في دورته الأولى وفي الفصل السابع استعرض المليص تاريخ وحياة غامد وزهران وتناول في الفصل الثامن المواقف التربوية والطرف التي مرت عليه في حياته العملية التي امتدت لاكثر من 60 عاما، كما استعرض المواقف التي حدثت له خارج الوطن في الفصل التاسع والأخير.