نعم.. هي الذكريات ننسجها.. بخيال وآهات نسترجعها .. ونستذكر الماضي الجميل، وكم للحج عندي وعند كثير ذكريات، فحج ذاك الزمان كان يستعد له بعديد أشهر بدء ببرقية مفادها .. المطوف فلان .. المحترم يصلكم عدد 12حاجا قادمون من الفلاني على الرحلة رقم كذا ليوم كذا، وكم كانت تعم الدار كله حتى أمهاتنا رحمة الله عليهن ولا غريب في الأمر فذاك ضيف الله قادم .. الذي كنا نستعد له بطبيخ وتجهيز مسكن منعمة بدوارق زمزم مبخرة ومشروبات حلوة وشاي بأطيب نكهات للحاج نسكبه .. في برزة مجملة بكرويتات، وإن استقر ذاك الضيف واستراح من سفر يصطحبه ابن مطوف لطواف بيت الله وسعي بعظيم مشاعر نشرفه وكذا بتهليلات وترحاب، وكنا في الطريق إلى البيت العتيق نزف به بشرى لأهل الحي بكل زقاق يمر به، وبعد سكون الحجاج لأيام بمكة المكرمة في دارهم تجهز لهم الحافلات تقلهم للمشاعر بدءا بالتروية بمنى، ولنا في تلك الخيام ذكريات .. فمجهود أسبوع لنصب خيام وصواوين وفرش حنابل وبرادات حافظات ثلج .. قد يأتي عج غبار ومطر غزير يفسد ما بنيناه. وكنا نطبخ غداء يوم عرفات على نار حطب نوقده، تتبعه نفرة إلى مزدلفة ومبيت في منى وعودة إلى الأهل في وقت كانت فيه الوسائل والتقنية بدائية واليوم تغير الحال وأصبحت بفضل الله ثم بفضل حرص الحكومة السعودية على راحة ضيوف بيت الله العتيق رحلتهم إلى المشاعر المقدسة من أسهل الأسفار.