سنحت لي الفرصة في آخر رحلة لي إلى دبي خلال إجازة منتصف العام الماضية أن أطلع على مناطق مختلفة من شاطئ الجميرة. يمتد هذا الشاطئ على مسافة 8 كيلومترات تقريبا ثم يندمج في شواطئ أخرى لم أتمكن من رؤيتها بعد. أول ما يلفت انتباهك هو ذلك الشريط الرملي الأبيض الجميل الذي يمتد بمحاذاة الساحل من بداية الجميرة 1 إلى نهاية الجميرة 3. لا حاجة بك إلى أن تذهب إلى دبي لتتأكد من وجود هذا الشريط الساحلي الرملي بل يمكنك مشاهدته وقياس أبعاده على الشبكة العنكبوتية وأنت في مكانك ولكن ذلك لن يغني عن زيارته. يتراوح عرض هذا الشريط ما بين مائة متر وثلاثمائة متر أو أكثر ولا توجد عليه أو تقطعه أي منشآت. إذن هذا هو حرم البحر الذي طالما نادينا بأهمية وجوده على كل بحر وكل شاطئ لما له من دور أساسي في حماية الشاطئ والبحر من الهجمة العمرانية وتوابعها المدمرة. وهذا هو أول وأهم قرار صائب نفذته بلدية دبي وأهملته بلدية جدة وغيرها من مدننا الساحلية. يمكنك أن تمشي على الرمال النظيفة إلى أن تتعب وأن تستمتع بخصوصيتك في هذا الشاطئ الفسيح دون أن يزعجك أحد. تدرك أهمية الرمل كجزء أساس لا يكتمل الشاطئ بدونه وتتأسف على الرمال التي أضعناها بسبب ما بنينا فوقها من طرق ومبان. تتعجب من النظافة الفائقة للشاطئ وتتذكر أطنان النفايات التي تغطي شواطئنا. تتساءل ما السر في هذه النقلة الحضارية التي قطعتها دبي وفاتتنا نحن ؟، ربما تكمن الإجابة في غياب المطاعم الكثيرة والأكشاك الملاصقة للماء التي تشجع الناس على الأكل باستمرار ورمي المخلفات كما هو الحال عندنا وربما تعود إلى الدورية الأمنية التي تمر بصمت وهدوء كل فترة ربما لتتأكد من نظافة الشاطئ ومن جوه الآمن حيث لا أحد يتجرأ على مضايقة أحد. يلفت انتباهك من بعيد بعض الأشخاص الذين يسبحون رغم أن الفصل هو الشتاء. لا بد أنهم هاربون من صقيع أوروبا، ولكن هذا لا يهمنا بل المهم هو أن الماء نظيف وصالح للسباحة وهو لم يبق كذلك إلا بقرار صائب ثان من بلدية دبي التي لا بد أنها منعت أية محاولة لتلويث هذه النعمة الكبرى التي حباها الله بها بأي ملوثات من صرف صحي أو غيره. بلدية جدة، على العكس، اكتفت، مضطرة، بوضع اللوحات التي تقول «هذه المنطقة غير صالحة للسباحة». «الهدوء الذي يسود المكان في الجميرة غير عادي فلا تسمع إلا صوت النسيم الذي يشدك بنقائه. فورا تنتبه إلى السبب: ليست هناك أي حركة مرور تذكر على الشاطئ. لا بد أن الإخوة في دبي أدركوا أن الشاطئ هو للهروب من زحمة المرور ودخان السيارات للاستمتاع بالمشي والتريض أو الجلوس على الرمل بينما تحول الشاطئ عندنا إلى نزهة بالسيارة وزحام مروري خانق، وهذا هو القرار الصائب الثالث الذي توفقت فيه بلدية دبي. تنتقل إلى منطقة أخرى من الجميرة فيصادفك نادي دبي للرياضات البحرية حيث تتجمع القوارب ولا تتناثر في أماكن كثيرة متفرقة. في منطقة ثالثة تجد منتزه دبي الساحلي الذي يمتد بطول كيلومتر وعرض 250 مترا تقريبا. من يريد الخضرة والظل أو مناطق للشواء أو عروض الدلافين يجدها هناك، وكذلك من يريد الرمل والهدوء يجده في المناطق الرملية من المنتزه. المساجد الجميلة الواسعة لم تغب عن شاطئ الجميرة بل تتواجد على مسافات منتظمة بالقرب من الطريق الرئيسي بحيث تخدم مرتادي الشاطئ وغيرهم دون أن تزحم المناطق الترفيهية. بعد أن تشبع من البحر وتشعر بالجوع يمكنك أن تجد عشرات المطاعم والمقاهي وأكشاك بيع الكماليات الخفيفة والتحف في منطقة ذات أرصفة عريضة لا تبعد كثيرا عن الشاطئ ولكنها لا تحتل أرضه أو تضايق مرتاديه. القرارات الصائبة جعلت شاطئ الجميرة نقطة جذب عالمية للسياح، بينما ضيعت قرارات الأمانة شواطئنا الجميلة. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 133 مسافة ثم الرسالة