لماذا (الخوف السنوي) من الأفكار الضالة في معرض الرياض الدولي؛ أهي مسعورة كالكلابِ مثلا؟!! الضجة العارمة التي يثيرها المتشددون قبل وبعد المعرض من تحذير وتكفير وفتاوى من تحت الرماد جعلته معتركا فضفاضا لأسلحة الأفكار المناوئة والصادمة في آن، ومن يتوخى حذر القول يجب ألا يكتب أفكاره إلا في قصاصة ذابلة، ولذلك يحرص مثقفو التغيير على التجلي والانصهار لاستلهام الوعي ومحاولة الخروج من مأزق العادة وفكِّ الحصار عن القيم النبيلة كي تنزل إلى شوارع الحياة برفقة الخطايا والنوايا في آن، فكل كبير له هفوات تافهة، وعلينا أن ندرك تماما ألا شيء يقف أمام تسونامي المشيئة، وكل الحواجز المفتعلة لصد الكتب المحرمة والمنع الجائر لكاتب بناء على أفكار سابقة لم تعد حائلا، ولا تشكل قلقا لدى الكاتب في زمن تويتر والفيس بوك ومواقع التواصل الاجتماعي التي تمد ساق الأفكار في وجه الجميع بلا وقار ولا حشمة أحيانا، و هو ما يجب أن يكون في معرض الرياض الدولي للكتاب الذي بات يستقطب الزوار في كل مكانٍ. صدقوني: لم يعد الجيل ضحلا أو هشا أو ورقة في مهب الريح، بل هو منفتح ومتحرر وجدير بالمعرفة الكاملة كي يصل إلى الحقيقة التي طردنا وراءها ردحا من التاريخ ولم نصل، ففي أزمنة التكنولوجيا التي تحفر في صميم الحضارة وتعيد تشكلاتها بإزميل المفارقة التي تميز شعبا عن غيره بمستوى قدرته على الإنجاز ليس بالنظر إلى ماتحت قدميه من معادن وثروات طبيعية وبيئية، بل بالنظر إلى مافوق رأسه من أفكار و تطلعات واعدة للدخول إلى ساحة كونية تعج بالمخترعات والابتكارات والمنتجات العظيمة التي تستبق الزمن و تعجن خارطة الغد بأيدي حالمة. لا أعتقد أننا بخير ، مادمنا نهاجم الكتب والكتاب حتى باتت الأفكار تطلب اللجوء الثقافي إلى دور نشر خارجية كي يتم التعاطي مع الكتاب كمنجز أجنبي؛ لأنه فقط طبع في الخارج و لا يمكن تجاهله هو أن الثقافة مشترك إنساني ومنظومة عالمية لا تستقر في مكانٍ إنها تتناول مايدور في الواقع؛ ولكن الواقع يرتحل و يهجر و يعيش على الأرصفة النائية دوما، فما من فكرة جديدة إلا وراءها معارضون، وما من كتاب مخالف يصدر بيننا إلا أمامه «جحافل التكفير» والويل لكل فكرة مسعورة وضالة.