أكد صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية أن مقترح خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز رئيس الدورة الحالية للمجلس الأعلى لمجلس التعاون بشأن الانتقال من مرحلة التعاون إلى أفق الاتحاد الخليجي، ينطلق من قناعة راسخة بأن التحديات الماثلة أمامنا تستدعي مثل هذه النقلة النوعية لكي نكون أكثر تأهيلا ومقدرة لمواجهتها ككتلة موحدة. وقال في افتتاح الدورة 122 للمجلس الوزاري الخليجي في الرياض أمس إن هذا الاتحاد لن يمس من بعيد أو قريب سيادة أي من الدول الأعضاء أو أن يكون مطية للتدخل في شؤونها الداخلية، مضيفا أن المشروع الاتحادي لا يتعدى كونه وسيلة تتيح لدول المجلس إمكانية العمل من خلال هيئات ومؤسسات فاعلة ومتفرغة تتمتع بالمرونة والسرعة والقدرة على تحقيق ما يرسم لها من سياسات وبرامج. وأشار إلى عقد الهيئة المكلفة بدراسة هذا الموضوع اجتماعها الأول في 21-22 فبراير 2012م، وأعدت تقريرها الأول المعروض أمام المجلس الوزاري لتدارسه تمهيدا لرفعه إلى اللقاء التشاوري الرابع عشر لقادة دول المجلس. ولفت سموه إلى أن مجلس التعاون حقق الكثير من الإنجازات على امتداد العقود المنصرمة، وأصبح منظومة ذات أثر ملموس في حياة مواطنيه واكتسب قدرا من التأثير والفعالية في تعاطيه مع الأحداث غير أن تطورات العمل المشترك والحاجة الملحة إلى مواجهة التحديات والمتغيرات المتسارعة تتطلب بالضرورة إيجاد كيان اتحادي أكثر تماسكا واقدر على التعامل معها. وأردف قائلا: المفترض في هذا الاتحاد المنشود أن يعتمد في بنيته وأدائه على رؤى وتوصيات نابعة من هيئات متفرغة ذات اختصاصات تطال المجالات الرئيسية في العمل المشترك السياسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية. وبطبيعة الحال فإن جميع هيئات الاتحاد الفاعلة والمؤثرة ستكون مشكلة من ممثلين عن الدول الأعضاء، وستعمل وفق آلية عمل وبرامج زمنية متفق عليها الأمر الذي لا بد أن يسهم في تسريع وتيرة الأداء ويمكننا من التغلب على معوقات العمل المشترك. وشدد الأمير سعود الفيصل في كلمته على حرص دول مجلس التعاون على تجنيب الدول العربية مغبة الوقوع في أتون الصراعات الداخلية ومخاطر التمزق والانقسامات الفئوية والجغرافية، والتأكيد على أهمية استيعاب مطامح وتطلعات الشعوب في العيش بعزة وحرية وكرامة بعيدا عن سياسات القهر والتنكيل. ونوه بالدور الفاعل الذي لعبه مجلس التعاون في سياق تعاطيه مع الأحداث والمستجدات التي عصفت بالعالم العربي منذ مطلع العام الفائت، قائلا إنها تعاملت مع هذه الأحداث بروح المسؤولية والإرادة المخلصة للإسهام في أمن واستقرار الدول العربية التي كانت عرضة لهذه المتغيرات ومن منطلق تفهمها. وأضاف جميعنا يتذكر أن جامعة الدول العربية عندما تحركت للتعامل مع مشكلة ليبيا فقد كانت دول المجلس في طليعة هذا التحرك كما أن مساعي الجامعة العربية لحل الأزمة الطاحنة في سوريا استندت في مجملها إلى رؤى ومبادرات طرحتها دولنا على مجلس الجامعة في اجتماعاته المتتالية على امتداد الحقبة المنصرمة ونشهد جميعا في أيامنا هذه عملية نقل السلطة في اليمن الشقيق ووضعه على عتبة مستقبل جديد، كل ذلك تم بناء على مبادرة خليجية هدفها الحفاظ على وحدة واستقرار وازدهار هذا البلد الذي تربطه بدول المجلس روابط ووشائج عديدة وعميقة. وتابع إن هذه الإنجازات التي حققها مجلس التعاون على الساحة العربية جاءت في وقت تشهد فيه هذه الساحة مخاضاً عسيراً يمكن أن يتحدد بموجبه حاضرها ومستقبلها وهذا في حد ذاته يشكل حافزاً لبذل مزيد من الجهد بغية تطوير الموقف العربي وأسلوب أداء جامعة الدول العربية مع قضايا المنطقة.