يقوم الفكر الاقتصادي المرتبط بالاستثمار الأجنبي والمعروف بمصطلح FDI على أساس تبادل المنافع بين الدولة المانحة لترخيص الاستثمار الأجنبي والشركة الأجنبية المستفيدة من الترخيص للاستثمار الأجنبي. ويجمع بين الاثنين المصالح المشتركة حيث يستفيد المستثمر الأجنبي من التراخيص الممنوحة له للاستثمار وتستفيد الدولة المانحة للترخيص من الأنشطة التي يقدمها القطاع المستثمر في مجال التنمية. ومن المعروف ان المستثمر الأجنبي يستفيد من التسهيلات التي تقدمها الدولة المضيفة للاستثمار مثل البنية التحتية والخدمات الأساسية والإعفاءات الضريبية والمواد الخام وغيرها من التسهيلات التي تقدمها الدولة المضيفة للاستثمار. وأما المستثمر الأجنبي فيأتي برأس المال والتقنية والخبرة والإدارة ويحاول أن يستفيد من هذه العوامل الاقتصادية في الأسواق المحلية من خلال نظام الاستثمار الأجنبي. والمشكلة تكمن فى إمكانية الوقوف على المنافع التي حصل عليها كل طرف، وآلية قياس هذه المنافع وهل فعلا انعكست إيجابا على الاقتصاد المحلي، ويرى البعض انه على الرغم من وجود حوالي 4000 مشروع استثماري أجنبي في مدينة جدة فقط، إلا ان الفائدة المتوقعة من تلك الشركات على الاقتصاد المحلي لم تظهر على سطح الأرض، وهناك البعض من المتشائمين الذين يجزمون بأن الفوائد لن تظهر أبدا كما كان مخططا له من قبل. حيث ان الشركات على حجمها المذكور إلا أنها خالية من المعطيات الإيجابية. بل ويزيد البعض ان الأضرار المترتبة على مشروع الاستثمار الأجنبي تغلب المزايا حيث يرى البعض الآخر أن الاستثمار الأجنبي بدلا أن يأتي بالخير ساهم في زيادة نسبة التستر الموجود في السوق السعودي من خلال إعطاء المستثمر الأجنبي الضوء الأخضر في الاستثمار الداخلي دون رقيب ومنح الاستثمار الأجنبي الغطاء الشرعي بمزاولة العمل في مشاريع غير ذات جدوى للاقتصاد المحلي. ويعتمد هذا الرأي على الحقيقة التي تقول ان الشركات الأجنبية لم تستطع ان تستوعب العمالة المحلية حسب الخطة كما أنها لم تستطع أن تقدم خدمات جديدة تساهم في تطوير وتنمية الاقتصاد. ولا يوجد لدى أي جهة مسؤولة إحصائية عن حجم العمالة الوطنية العاملة داخل تلك الشركات والمعلومات عن رأس المال الأجنبي الفعلي المستثمر من قبل هذه الشركات الأجنبية كما لا يوجد أي معلومات عن طبيعة الأنشطة والمنتجات والخدمات التي تعمل فيها الشركات الأجنبية في الأسواق المحلية. وعموماً يمكن القول إن من حق الشركات الأجنبية ان تحظى بالمزايا التي تقدمها الجهات الرسمية حسب ما نص عليه النظام الخاص بالاستثمار الأجنبي بل وحق على الدولة المضيفة تسهيل العقبات التي تواجه تلك الشركات ولكن في المقابل من حق المجتمع أن يستفيد من المعطيات التي تنجم عن تلك الاستثمارات والتي منها على سبيل المثال وليس الحصر الاستفادة من الوظائف المتاحة داخل تلك الشركات والاستفادة من التقنية التي تملكها الشركات الأجنبية وان يستفيد المجتمع من السلع والخدمات التي تقدمها الشركات الأجنبية والتي تكمل الموجود فعلا وتتكامل معها ولا تنافسها. فهل يا ترى يمكن ان نسمع أو نقرأ أو نشاهد التقارير الحقيقية والشفافة عن واقع الاستثمار الأجنبي في المملكة والتي يمكن ان تطمئن المجتمع وتزرع فيه الأمل بدلا من الألم بجدارة وقدرة هذه المشاريع في دعم الاقتصاد الوطني وهذا ما يتمناه كل إنسان يعيش في هذا البلد المليء بالفرص الاقتصادية وبالخيرات والجميع ينتظر ويترقب. [email protected]