من القضايا التي تواجه من يكتب في صحيفة سيارة، يقرؤها كل الناس على اختلاف طبقاتهم المعرفية حيث يقرؤها المتعلم ونصف المتعلم والمثقف وشبهه، قضية اختيار الألفاظ التي يصوغ بها الكاتب أفكاره، فمن المتفق عليه أن أقرب الخطاب إلى الناس ما كان في إطار فهمهم، وفي الحديث (خاطبوا الناس على قدر عقولهم). فبقدر ما يقترب المتحدث من مستوى إدراك مخاطبيه يكون فهمهم له أسرع وأفضل، لكن المشكلة التي يواجهها الكاتب في الصحيفة هي أنه ليس في كل المرات يمكنه التنبه لهذا، فأحيانا قد ينسى في ثنايا الحديث تفاوت من يخاطبهم في مستويات المعرفة والفهم. ويغيب عن ذهنه أنه قد يستعمل ألفاظا أو عبارات لا يفهم معناها كل الناس، وأسوأ من ذلك أنهم قد يرون فيها معنى لا يرضيهم وذلك لجهلهم بها أو لعدم ألفتهم لها فينفرون منها لذلك السبب، وربما لاموه على استخدامها أو خطؤوه بسببها. فماذا يفعل الكاتب؟ كيف يمكن له تجاوز مثل هذه المواقف التي تحول بينه وبين الوصول إلى جميع فئات الناس بمن فيهم أنصاف المتعلمين منهم؟. في إحدى مقالات أفياء التي نشرت خلال الأسبوع الماضي ورد تعبير (حظيرة الهدى) فكان ذلك التعبير موضع انتقاد من بعض القراء، حيث رأوا أن الهدى أكرم من أن تكون له (حظيرة)!! فهم لا يعرفون للحظيرة سوى معنى واحد، أن تكون مأوى للحيوانات، وبناء على هذا الفهم المحدود نفروا من هذا التعبير ورأوا فيه منافاة للذوق الرفيع الذي يجب أن يحسن اختيار المفردات المناسبة لما تضاف إليه. والحظيرة كما يعرفها لسان العرب: ما أحاط بالشيء كالسياج والحائط الذي يحيط بالنخيل أو الماء للحماية، وهي مشتقة من (الحظر) بمعنى أن إقامة الحظيرة حول النخيل أو البئر أو العين يعني حظر دخولها أو العبث بها، ومنها استعيرت للتعبير عن الحمى فقيل (حظيرة الإيمان) و(حظيرة الإسلام) و(حظيرة الدين) وغير ذلك. فالتعبير شائع ومستعمل في كتابات كثيرة. كما أن لفظ (الحظيرة) استعمل في الإشارة إلى الجنة، فقد ورد في الحديث: «لا يلج (حظيرة القدس) مدمن خمر». وفي القصيدة الهمزية لأحمد شوقي في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم، وردت كلمة (الحظيرة) مطلقة بمعنى الجنة، حيث يقول: «ولد الهدى فالكائنات ضياء وفم الزمان تبسم وثناء الروح والملأ الملائك حوله للدين والدنيا به بشراء والعرش يزهو و(الحظيرة) تزدهي والمنتهى والسدرة العصماء». أي أن استعمال (حظيرة الهدى) قديم وعام ولم يكن ابتكارا مني.. على أية حال، أشكر القراء الكرام الذين عبروا عن عدم تقبلهم للفظ الحظيرة مضافا إلى الهدى. فأتاحوا لي بذلك الفرصة كي أوضح لهم ما جهلوه من المعاني الأخرى الجميلة التي يشير إليها هذا اللفظ. وهل هناك أجمل من أن تكون الحظيرة من أسماء الجنة؟.. فعلى رسلكم أيها المشمئزون!. فاكس: 4555382 1 للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة