أوضح ل «عكاظ»عدد من المشايخ والمثقفين والإعلاميين أن على وسائل الإعلام الأخذ بالتطورات الحديثة والنزاهة والحرفية في التناول الإعلامي تماشيا مع توصيات المشاركين في اللقاء الوطني التاسع للحوار الفكري (الإعلام السعودي الواقع وسبل التطوير)، مؤكدين أن في إعداد رؤية وطنية للإعلام السعودي تتضمن القوانين والتشريعات المنظمة للحريات المنضبطة والمسؤولة تراعى فيها الثوابت الشرعية والوطنية، أمر مطلوب في ظل تشعب وسائل الإعلام الحديث، كما على مؤسسات التنشئة الاجتماعية كوزارة التربية والتعليم والمساجد دور مكمل في إقصاء التعصب من خلال تعليم النشء وتبصيرهم بتبعاته الخطيرة. الأديب والمثقف الدكتور صالح الزهراني عميد كلية اللغة العربية في جامعة أم القرى فقال: «الإعلام هو السلطة الرابعة، لاسيما ونحن الآن في زمن الصورة، لذلك فالإعلام هو أكبر مؤثر في وعي الناس اليوم، فالثورات العربية كانت ثورة إعلامية، ومن هنا فإن الإعلام له دور جوهري في الوحدة الوطنية بناء أو تمزيقا، فالفضاء أتاح لكل من يمكن أن يكون لديه إمكانات مادية أو تقنية أن يؤسس منتدى أو موقعا أو قناة فضائية، وعدم وجود رقابة لهذه المواقع أتاحت لها حرية ليست موجودة في الإعلام الرسمي، ومن هنا تجد مع هذه الثورة الإعلامية تم استثمار هذه التقنية في زرع الفتن والتعصبات، وتصفية الحسابات بين الخصوم لأنها لا تخضع لرقابة ويمكن أن يكتب كائنا من كان باسم غير معروف وينال من أعراض الناس، وحصانتهم ووحدة البلدان ويتطاول على المقدسات بحجة الحرية»، وأضاف «أعتقد أن هذه مشكلة يجب أن تناقش عالميا، وليس وطنيا ويكون هناك ميثاق شرف عالمي إنساني يتم فيه احترام الديانات والرموز الدينية والوطنية في كل مكان وتجريم كل من يسعى لنشر ثقافة الكراهية والتنابز والإقصاء، لذلك لا بد من وجود استراتيجية إعلامية تذوب فيها كل أنواع التعصب من أجل وطن واحد». أما المستشار القضائي الخاص والمستشار العلمي للجمعية العالمية للصحة النفسية في دول الخليج والشرق الأوسط الشيخ صالح اللحيدان، فقال: «الإعلام لبنة للعبور إلى الحرية المطلقة بعيدا عن الانتماء التعصبي لأن هذا التعصب يشكل جسورا من التباعد والتنافر فلذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (دعوها فإنها منتنة)، وقال عليه الصلاة والسلام في حديث آخر: (ليس منا من دعا إلى عصبية)، لهذا يتضح دور الإعلام هو دور أمانة ومسؤولية يقوم بها القائمون على الإعلام قياما صحيحا يتشكل منه وضوح الرؤية نحو عمومية الأخلاق والقيم والمبادئ التي دعا إليها هذا الدين التفافا حول الوطن ومقدراته ذلك أن الانحياز نحو العصبية أو التحزب إنما يشكل مرضا قد يتنامى فيما بعد»،وأضاف «الإعلام عليه أن يعالج مثل هذا بطول النفس وعمق النظرة واليات الطرح وبحث الأسباب والنتائج». من جهته، قال الأديب والناقد حسين بافقيه: «علينا أن ننظر إلى جانب الإعلام إلى دور التربية والتعليم ودور المسجد، فالإعلام الآن مفتوح، والإعلام الجديد دون رقيب إلا ما يمليه الدين والضمير والأخلاق والثقافة، فالناس تستقي معلوماتها الآن مما تبثه المواقع الإلكترونية، لذلك فإن آخر صمام لنا هما المسجد والتربية». بدوره رأى مدير إدارة النشر الإلكتروني في وزارة الثقافة والإعلام طارق الخطراوي، أن المادة التاسعة من نظام المطبوعات والنشر جاء من ضمن بنودها ألا تكون المطبوعة حاثة على التعصب، والالتزام باللحمة الوطنية ونبذ الفرقة والالتفاف حول القيادة، وقال: «هناك لجنة مختصة للنظر في المخالفات، وتختلف العقوبة حسب المخالفة، وحجمها، مؤكدا أن المادة الثالثة عشرة تؤسس لحرية إعلامية مسؤولة، أي أن الإنسان حر فيما يكتب ولكنه مسؤول عما يكتب». أما الباحث في الشؤون النفسية والاجتماعية الدكتور أحمد الحريري، فقال: «التعصب هو مبالغة في التعبير عن الاتجاهات سواء كانت إيجابية أو سلبية ويدخل في ذلك كل رأي متطرف يحاول إقصاء الآخر»، وأضاف «مواجهة ظاهرة التعصب تتطلب رؤى تربوية وتعليمية ودينية وإعلامية،حيث يجب على الإعلام منع أي ظهور إعلامي لأي شخص يريد إقصاء الآخر»، مبينا أن الإعلام غير المحترف أصبح مطية لكثير من أنواع ومظاهر التعصب فهناك قنوات فضائية متخصصة لإبراز هذه الأشكال من التعصبات وعلى وزراء الإعلام وضع خطة واضحة لمنع هذه القنوات الفضائية وكذلك الصحف الإلكترونية والمجلات التي تعزز التعصب. من جهته، قال مدير مكتب صحيفة الرياض في الطائف أحمد حسن: «الإعلام يتحمل مسؤولية كبيرة حول عدم إذكاء روح التعصبات، لاسيما أن الإعلام أصبح يشكل ويلعب دورا مهما في المجتمعات العربية»، وأضاف «كثير من القضايا التي تظهر على السطح، والخلافات نجد أن الإعلام كان محركا أساسيا لها، لذلك على القائمين والمسؤولين على الوسائل الإعلامية بشتى أنواعها استشعار المسؤولية، من أجل تعزيز الوحدة واللحمة الوطنية». ورأى رئيس تحرير صحيفة «المملكة نيوز» الإلكترونية فهد القثامي أن «حاجتنا للإعلام في هذا الوقت أن يتشكل في صالح الوطن والمواطن وتوحيد صفهم»، وأضاف «الإعلام في مجتمعاتنا يحتاج إلى المزيد ليجعل الناس على قلب واحد نابذين للعنصرية والفرقة يجمعهم دين، لذلك نحتاج أن يتبنى إعلامنا مبدأ وهدفا يسعون من خلاله إلى تكريس الإيجابية التي تجعل مجتمعنا ينبذ أي سلوك أو عادات غير مقبولة».