هل يمكن لنشاطك الإلكتروني أن يكون معيارا للتوظيف؟ .. سأعيد الاستفهام بصيغة أخرى، هل من الممكن أن يفقد أحدهم فرصة وظيفة بسبب التواصل مع الإعلام الجديد؟ الجواب، بكل تأكيد نعم. وللمفارقة أيضا قد يكون هذا التواصل سببا للتوظيف. كيف إذن! التواصل عبر شبكات الإعلام الجديد يكشف بشكل ولو بسيط عن السمات الشخصيه لكل فرد، وهو ما يمنح المتابع وأصحاب القرار، كأرباب العمل أو من ينوب عنهم، القيام بتقييم مبدئي لطريقة تفكير وطبيعة نشاط المتقدم. فبعض أنماط الوظائف قد تتطلب مستوى عاليا من اللباقة والمهارة في الإقناع والحضور الإعلامي، وهنا يقدم استخدام وسائل التواصل الإلكتروني الجماهيرية كاليوتيوب فرصة ذهبية للباحث عن العمل لتسويق مهاراته. على العكس تماما هنالك وظائف تتطلب جانبا من الخصوصية أو مستوى عاليا من الرصانة أو لربما الانضباط، وهو ما قد يعتبره بعض أصحاب العمل سمة لا تتوفر في مرتادي الإعلام الجديد. فقد كشف تقرير قامت به قناة البي بي سي البريطانية عدم ترحيب مديرة شركة بريطانية بتوظيف متقدمة للعمل لنشاطها المفرط على تويتر. فبرأيها سيؤثر هذا سلبا على أدائها الوظيفي. قد نتفق أو نختلف مع فكرة كهذه، كل بحسب نمطه الإداري، لكن المؤكد أن العالم العربي مليء بالعقليات البيروقراطية ولن يتغير هذا سريعا، فهذه العقليات هي أكثر من لا يتسق فكرها ونمطها الإداري مع طبيعة التواصل الاجتماعي الفكري على شبكات الإعلام الجديد. ما أود مشاركته مع بعض الباحثين عن عمل في القطاع الخاص: أنك لربما تفقد فرصة وظيفية ليس لأنك غير مؤهل مهنيا، بل بسبب نشاطك المفرط على شبكات الويب. أرباب العمل ليسوا موضوعيين أو مجردين من التحيز والانتماء الفكري أو الاجتماعي، فكل يصنف الناس على مسافة قريبة أو أكثر بعدا منه وفق طبيعة تفكيره وتطلعاته. وحتى لا يحبط مرتادو الإعلام الجديد من الباحثين عن العمل من فكرة كهذه، عليهم فقط الأخذ بالاعتبار قليلا كيف ينظر الآخرون كأرباب العمل لطبيعة ومحتوى تواصلهم على شبكات الويب. لذا إن كنت ممن يستخدم اسمه الصريح فلتتذكر أن الآخرين يستخدمون ما تدون للاستدلال على طبيعة شخصك وتفكيرك. أجمل المنى بمستقبل وظيفي حافل. أكاديمي باحث في لغويات الإعلام [email protected]