لا تزال مشكلة الحضانات، تمثل العبء الأكبر على كاهل المبتعثين في كل من أمريكا وأستراليا ونيوزيلندا، حيث تستنزف الحضانات التي تتراوح أجورهن من 800 إلى 1200 دولار شهريا للطفل الواحد، ما يقارب 50 في المائة من مكافآت المبتعثين، مؤكدين أن هذه المعضله تقف حاجزا أمام مسيرتهم التعليمية، وتؤثر بشكل مباشر على حالتهم المادية والمعنوية مما ينعكس سلبا على تحصيلهم العلمي، مطالبين بتكفل الملحقيات الثقافية بمصاريف هذه الحضانات، خاصة في حالات الأسر التي تتكون من طفلين فأكثر. في أمريكا، قال عبدالله الزهراني المبتعث لدراسة الماجستير، إن المكافأة تنتهي في منتصف الشهر، مشيرا أن رسوم الحضانات تشكل الهاجس الأكبر لغالبية المبتعثين ولم يتم حلها منذ سنوات. وقال المبتعث صالح العتيبي إنه فضل عدم إكمال زوجته تعليمها لتبقى مع أبنائه لعدم قدرته المالية على دفع تكاليف رسوم الحضانات، خاصة أن الزيادة الأخيرة للمبتعثين، تجاهلت المرافقين لهم واقتصرت فقط على المبتعث الأساسي. وأشارت المبتعثه «أم سارة» أن رسوم الحضانات زادت بنسبة 25 في المائة خلال السنوات الأخيرة حيث تتراوح ما بين 800 و1200 دولار، علما بأن ما يصرف للأبناء 272 دولارا شهريا وهو لا يكفي مصاريفهم الأساسية من حليب وحفاظات. وأشار سامي الخالدي إلى أن هناك حضانات مدعومة من الحكومة ولكنها غالبا ماتكون تحت إشراف الكنسية التي تركز على المناهج النصرانية، وهو الأمر الذي يرفضه جميع المبتعثين. وفي أستراليا يعاني مبتعثو سيدني وكوينزلاند من رسوم الحاضنات التي تتراوح من 1200 إلى 1500 دولار في الشهر، ما اضطر معه المبتعث خالد لسحب مبلغ مالي كل شهر من السعودية لتغطية نفقات طفليه. وذكر عبداللطيف الملحم المبتعث في جامعة كوينزلاند للتقنية، حضانة ابنتي 1300 دولار شهريا غير حضانة ولدي الجديد والذي سيكلفي أكثر. وذكرت «أم لميس» المرافقة لزوجها أن غلاء الحاضنات في أستراليا حرمها فرصة التعليم وإكمال دراستها. وذكر طالب الدكتوراة يوسف النملة المبتعث لدراسة إدارة الموارد البشرية «رغم أني بحثت عن أرخص حاضنة في المنطقة التي أسكن فيها فقد كنت أدفع مبلغ 1200 دولار في الشهر أي أكثر من الزيادة الممنوحة للطفل بما يقارب الضعف، مطالبا بصرف بدل حضانة للمبتعثين الذين لديهم أطفال تحت سن الدراسة، وأن تكون قضية الحضانات إحدى أوراق الضغط للاعتراف بالجامعات الأسترالية. وأضاف المبتعث لدراسة الماجستير في الاشعة أحمد الكاشغري أن الحضانة في أستراليا تتراوح ما بين 70 إلى 95 دولارا في اليوم، مادفع بعض المبتعثين لوضع أطفالهم في بيوت ليست مسجلة كحضانة ولكنها رخيصة. وفي نيوزلندا كانت مشكلة الحاضنات من الأسباب الرئيسة في عدم استمرار دراسة بعض المبتعثات، حيث أوضحت المبتعثة هيفاء محمد أنها لم تستطع هي وزوجها تحمل تكاليف الحضانة الباهظة والتي تصل إلى 2000 دولار نيوزلندي مما اضطرها إلى البقاء مع أبنائها حتى توقفت بعثتها. وهو نفس السبب الذي قاد المرافقة أماني خالد للسفر بعد نهاية بعثة زوجها دون أن تلتحق بأي برنامج مخصص للمرافقين وذلك لعدم قدرتهم على دفع الرسوم. ومن جانب قال المبتعث عبدالله الجبران الذي ألحق ابنه بإحدى الحاضنات، إنه يدفع رسوما تصل إلى 1800 دولار نيوزلندي،وهو مبلغ سبب عجزا متكررا في ميزانية الأسرة على حد قوله. وفي بريطانيا، قال رائد البحيري وهو طالب دكتوراة في نوتنجهام، إن موضوع الحاضنات من المواضيع التي تؤرق المبتعثين بصفة عامة والمبتعثين للمملكة المتحدة بصفة خاصة، والسؤال هنا: هل الطفل يحتاج فقط حليبا وحفاظات؟. وحيد بغدادي طالب دكتوراة في أكسفورد، علق أيضا «أرى ضرورة زيادة مخصصات الأطفال، ومن جهة فقد أسهم نادي أكسفورد في حل المشكلة «حيث استأجرنا غرفا مخصصة في مبنى جيد هو مقر النادي السعودي في أكسفورد، وتم تجهيزه وبالاتفاق مع حاضنات عربيات وتم تقليص النفقات التي يدفعها أولياء الأمور من 500 أو 700 باوند في الشهر إلى 200 باوند فقط شهريا»، وأشار إلى أن هذا الحل كان مؤقتا «ولكنه مرهق إذ يحتاج متابعة وليس إلا إبرة مسكنة قد تساعد المبتعثين، لكن الحل النهائي يظل بيد الوزارة». وشرح فهد الصيعري طالب في مرحلة الماجستير في الإعلام من جامعة سالفورد مانشستر، جانبا من هذه المشكلة «يعمد كثير من الطلاب وأنا أحدهم إلى تقليص ساعات الدراسة لعدم قدرتنا على وضع أبنائنا في الحاضنات بدوام كامل، خصوصا إذا ما عرفنا أن الحاضنات الحكومية في المدارس البريطانية لا تقبل دخول الأطفال ممن هم دون الثلاث سنوات، فضلا عن أنها تشترط التسجيل في قوائم الانتظار، وإن حالفك الحظ ووجدت مكانا لطفلك خلال الستة أشهر الأولى فإنك ستكون من المحظوظين جدا». وأثار الطالب عبدالله السواط في مانشستر موضوع المخصص المادي للطفل مؤكدا أن كثيرا من زوجات المبتعثين غالبا ما يمتنعن عن إكمال دراستهن ويضطررن إلى تضييع فرصة الحصول على شهادة دراسية لجلوسها في المنزل إلى جانب أبنائها؛ لأن مخصصاتهم التي تصرف لهم بالكاد تكفي الاحتياجات الأساسية، ولا مجال لإدخالهم الحاضنات في بريطانيا، ولذلك نرجو ممن يملكون الحل مساعدتنا في حل هذه المشكلة». كذلك قالت هيا المقوشي وهي طالبة دكتوراة في تخصص أمن نظم المعلومات في جامعة كاردف «أنا طالبة دكتوراة في بريطانيا وزوجي مبتعث أيضا لدراسة الدكتوراة ورزقت بحمد الله أربعة أطفال خلال دراستي وأعمارهم جميعا تحت الأربع سنوات وهي أعمار تحت سن التسجيل في المدارس الحكومية، وعانيت كثيرا من تكاليف الحاضنات الباهظة. وتضيف «وبما أنني رزقت بطفلين بشكل متتال لم أستطع توفير هذا المبلغ وطلبت مساعدة من الملحقية وقوبلت بالرد بأن موضوع الدعم تحت الدراسة وكان هذا منذ أربع سنوات ما اضطرني إلى تسجيل أطفالي في الحاضنة لنصف يوم والتبادل مع زوجي لتغطية باقي اليوم وتكرر الحال مع الكثير من زميلاتي فمنهن من اطرت آخر الأمر إلى تغطية التكاليف بقرض من البنك. وعلمت «عكاظ» من مصادرها أن وزارة التعليم العالي درست القضية وهي بصدد إصدار أنظمة لحل مشكلة الحاضنات بعد استيفاء الإجراءات النظامية لذلك، ونحن في انتظار توضيح وزارة التعليم العالي الرسمي حول هذه المشكلة والحلول المقترحة لإنهاء معاناة المبتعثين والمبتعثات من هذه المشكلة.