لم يكن من مصلحة روسيا أن تصوت ضد قرار الأممالمتحدة، الذي كان بإمكانه أن يوقف المجازر التي يرتكبها النظام السوري. ولم يكن من مصلحة روسيا أن تضحي بمكاسبها مع العرب جميعا مقابل مكاسب ضئيلة مع نظام لم يعد لديه ما يقدمه لشعبه، فكيف يمكن له أن يكون مفيدا لغيره من الشعوب. لقد انقادت روسيا لحسابات مضللة حين واجهت الإرادة الدولية، مستخدمة الفيتو لإسقاط قرار أممي إنساني على نحو اعتبر استخدامها للفيتو إذنا لإيقاع مزيد من المجازر والمذابح وهدر الدماء، مما أفرغ مجلس الأمن من مضمونه وأهدر الدور الذي كان يمكن أن ينهض به. ويبدو أن روسيا أدركت حجم الخطأ الذي وقعت فيه وبدأت تحاول تلافي ما يترتب عليه من أضرار عبر الاتصالات التي تجريها مع الدول التي ساءها الموقف الروسي، ومن ذلك الاتصال الذي أجراه رئيس روسيا ديمتري ميدفيديف مع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، محاولا توضيح وجهة نظر روسيا في القضية السورية. ولأن الموقف السعودي المستند على القيم الدينية والأخلاقية مما يجري في سوريا واضح وثابت، جاء تأكيد خادم الحرمين الشريفين على أن المملكة لا يمكن لها أن تغير موقفها من تلك الأحداث، وجاء عتب المملكة الذي يبلغ حد اللوم لروسيا على الموقف الذي اتخذته دون أي تنسيق مع أصدقائها العرب الذين قدموا مبادرتهم لإنقاذ الشعب السوري فأجهضها الفيتو الروسي. ولأن المسألة مسألة مبادئ ومواقف لا تقبل التحايل والتلاعب وحسابات المصالح الضيقة والمنافع المحدودة، جاء تأكيد خادم الحرمين الشريفين للرئيس الروسي على أن أي حوار حول ما يجري لا يجدي، بعد أن اتخذ الروس قرارهم منفردين، فأجهضوا القرار الدولي ومنحوا النظام السوري فرصة تدمير شعبه.