الصدفة وحدها جعلت مقال اليوم يتحدث مرة أخرى عن هيئة مكافحة الفساد بعد أن تحدثنا عنها يوم أمس في إشارة إلى أنه ليس من العدل ولا العقل ولا الإنصاف تحميلها وحدها عبء اجتثاث الفساد، وأن الموضوع يتطلب بالضرورة إعادة النظر في كثير من الأمور المتعلقة بالأنظمة واللوائح والفكر الإداري بصورة عامة.. الخبر الذي نشرته إحدى الصحف يوم السبت مغرٍ لأي كاتب متابع للشأن العام، فهو من طرافته يجبر على التوقف عنده والتعليق عليه.. يقول الخبر الذي نشرته صحيفة الشرق: «حذرت هيئة مكافحة الفساد من ملاحقتها لممتدحي المسؤولين والمبالغين في الثناء على إنجازاتهم وأعمالهم الوظيفية. وقالت الهيئة إن مدح المسؤول بغير ما فيه أو المبالغة في الثناء على إنجازاته يعد نوعاً من أنواع الفساد لما يترتب عليه من غرور المسؤول وصرفه عن رؤية الأمور على حقيقتها وبما ينتج عنه فساد كبير في أداء المهام». إنها ورطة وأي ورطة للهيئة، إذ أنها لو فتحت هذا الباب فلن يكون لديها وقت للقيام بأي مهمة أخرى. من ستلاحق ومن ستترك؟؟. هناك منظومة لا نهاية لها سوف تجعل الهيئة تلهث وهي تلاحقها، وربما تخور قواها وهي لم تكمل جزءا يسيرا من مهمة كهذه.. ستضطر الهيئة إلى ملاحقة عدد لا يحصى من موظفي إدارات العلاقات العامة وإدارات الإعلام في مؤسسات الدولة بدءا بالمراكز الرئيسية وانتهاء بفروعها في كل المناطق؛ لأن هذه الإدارات هي التي تفرغت للتزلف للمديرين بما يجعلهم يشعرون أنهم طاقات خارقة ونماذج نادرة للكمال. لو افتتح المسؤول مشروعا عاديا بادرت إدارات التلميع إلى تصوير المشروع على أنه فريد عصره وزمانه وأنه لولا حرص ومتابعة وتخطيط ذلك المسؤول لما كان للمجتمع أن ينعم بهذا المشروع.. ومع التكرار يدخل المسؤول في حالة من الهوس تجعله لا يقبل بغير المبالغة وتضخيم كل ما يقوم به.. إضافة إلى هؤلاء المسيئين لأنفسهم ولمديريهم ومجتمعهم بمغالطاتهم، توجد منظومة أخرى من الموظفين المحيطين بالمسؤول وغيرهم من المنتفعين من خارج إدارته يرسخون ذلك الوهم لديه حتى يصدقه، منهم الجلساء وبعض الأصدقاء، ولا أتردد في إضافة بعض الكتبة والمحررين الذين لا يعيرون اهتماما لشرف الكلمة وأخلاق المهنة.. نصيحتي للهيئة أن تؤجل هذا الملف في الوقت الحاضر وتركز على ما هو أهم. [email protected] للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 259 مسافة ثم الرسالة