بدايته بسيطة حيث يقطن في قرية جميلة على ضفاف الوادي الذي يعشقه ويتذكر جماله الأخاذ في ذهابه إليه وإيابه منه صباح مساء. الحياة تسير في حدها الأدنى.. منزل العائلة من القش وحوله الأبقار وبعض الماشية التي تمنحهم اللحم والحليب وأشياء أخرى. كانت حياته هانئة ينام مبكرا دون أن يفرش أسنانه لأنها لم تكن متوفرة في ذلك الوقت، ولم يعان من تسوس الأسنان في طفولته لأن أمه الحنون تعد طعاما طازجا كل يوم وقد أرضعته حولين كاملين. الحياة صارمة في المنزل والمدرسة حيث احترام الأب والمعلم من لوازم العيش. لم يكن يصدق عندما دخل التلفزيون إلى البيت كيف يتبارى اثنان وعشرون لاعبا في هذا الصندوق الصغير.. الأعجب من ذلك رؤيته النساء الجميلات في بيوت مختلفة جدا ؟! كان ينظر إلى أمه التي تستيقظ قبل طلوع الفجر لتطحن الذرة وتوقد التنور وتعد الخبز ثم تحلب البقرة وتصنع اللبن وتكنس وتغسل وعندما تخلد إلى النوم تكون جثة هامدة. هو.. كان ذكيا ولماحا وقد أحبه معلموه وتوقعوا له مستقبلا باهرا. أنهى دراسته الجامعية في حقل القانون بتفوق وعمل في إحدى شركات المحاماة. بحكم اختصاصه واهتمامه كان يرى كثيرا من الحقوق الضائعة التي تهدر كرامة الإنسان.. لذا فقد بدأ يكتب في مدونته الخاصة ويطرح آراء جريئة جدا. عرضت عليه صحيفة واسعة الانتشار الكتابة وفعلا بدأ يكتب ويناقش ويتعرض لقضايا حساسة جدا عرضته لملحوظات رئيس التحرير المتكررة وتحذير الجهات الأمنية. أصر على موقفه المبدئي وواصل الكتابة بجرأة حيث لاحظ تغيير بعض القوانين والممارسات في بعض المؤسسات نتيجة لهذا الصراخ المستمر.. فوجئ بعد مرور سنة بقرار منعه من الكتابة لأنها تسبب إزعاجا للصحيفة على حد قولهم ! عاد إلى مدونته واستمر في طرحه الجرئ وذات يوم وهو يقلب بريده الالكتروني ملكته الدهشة وهو يقرأ رسالة مفادها ترشيحه لنيل جائزة عالمية في حقوق الإنسان. لم يصدق ذلك إلا عندما كان يجلس على مقعد الطائرة متجها إلى مدينة ما لحضور حفل استلام الجائزة. كان الحفل بهيجا ويعج بشخصيات عالمية مشهورة. جلس في منصة الفائزين وجاء دوره ليلقي كلمة بهذه المناسبة حيث قال : «إن ما أكتبه شيء عادي.. أنا ممتن لكم أن قرأتم إنتاجي واحتفيتم به وها أنتم تمنحونني جائزة كبرى.. أرجو أن أكون صادقا فيما أقول». بعد أن تسلم الجائزة احتفل بطريقته الخاصة حيث مشى مسرعا على خشبة المسرح غير آبه بالحشد الكبير الذي يحضر وفجأة شعر بألم في رأسه فقد اصطدم بالباب في إحدى جنبات المسرح... فتح عينيه وإذا بالمكان مظلم وهو وحيد عندها سمع صوت امرأته خلف باب الغرفة تقول: «نفد أنبوب الغاز قبل أن انتهي من إعداد الغداء».. أيقن حينها أنه كان يحلق في عالم الخيال.. للتواصل: Facebook.com/salhazmi1