زمان أول لما كنا صغيرين نتطارد بين البيوت كل واحد يمسك شليله في فمه والشاطر يسبق الى وادي العاقول حينما يسيل سيل كبير ويقوم كل واحد منا برش الثاني بالماء والطين ويحثي عليه من التراب الرطب ويقوله «هيا نتطارح في الطين والقوي يحذف الضعيف ويحط راسه في الطين وشوية ماء من السيل»، واللي يفوز على الكل يجيبوله هدية ماء صافي من البير وهو متربع على حيد المسيل ويمر فينا كبار السن اللي يقربولنا واللي ما يقربولنا ويقرصون سموعنا ويطردوننا من عند المسيل على شان ما نغرق في المسيل إذا كثر الماء وزاد واجد عن ما نعرفه ونشرد حتى بدون شباشب الى الحيد الثاني من المسيل ونروح بعيد عن الشياب اللي يقولون «المسيل المسيل لا تجونه وتموتون على طول». وعند الليل نجي عند شبة النار والسوالف القصيرة والطويلة واللي يقوم بسردها كبار السن والكل يسمع والبعض يحرك مقبس النار على شان ما تطفي النار وما يصير فيه ضوء لان ما فيه كهرب زمان في البيوت ويلتفت اللي يقص الرواية والشعر الى الصغيرين ويقول «اسمع يا صغير ولاترقد على شانك لعبت كثير عند الغدير والسيل اليوم وتقول تعبان اذا انت تعبان لا عاد تروح للسيل ولا المسيل»، ونشوف البعض حول النار في وقت البرد وهو متذري بعباته ويلبس ثوبين ملونين تحت بعض وبعضهم يتذرى من النار ويمد يديه يم النار على شان يحس بالحرارة واذا خلص يقضب فنجال قهوة اللي مركبة على النار واذا ما حصل قهوة يشرب شاهي اللي على الجمر واللي يسولف يبحلق فيه يعني خلص هيا.