اطلعت على بعض الكتابات الغاضبة التي جاءت تهدر مملوءة بالاتهام لجميع كتاب الصحف الذين لم يشاركوا في الهجوم على حمزة كشغري ولم يطالبوا بنحره كما فعل غيرهم، فظلت أعمدتهم فارغة من الإشارة إلى شيء من ذلك. ولأني واحدة من أولئك الكتاب الذين وقع عليهم الاتهام فلا بد لي من توضيح وجهة نظري حول ذلك. إن ما فعله حمزة كشغري لا يمكن أن يقبل به مسلم يؤمن بالله ورسوله، فهو تجاوز بفعله الطائش الأحمق كل الخطوط الحمراء في التأدب الواجب مع الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم. لكن ردة الفعل تجاه الشاب نفسه، وليس الفعل بحد ذاته، بدت أضخم من حجمه فحمزة كشغري حسب ما تذكر الصحف شاب غر في أوائل العشرينات من عمره، أي أنه في تفكيره أقرب إلى المراهقة منه إلى النضج، وهذه السن كما تقول معظم الدراسات النفسية يكون فيها الشباب غير مستقرين عاطفيا بما في ذلك عاطفتهم الدينية فيكونون متطرفين في موقفهم من الدين، إما تطرف يميل بهم إلى تحدي الدين والخروج على الأعراف الدينية العامة كما حدث مع كشغري، وإما تطرف يميل بهم إلى التشدد والغلو المنهي عنه. فالشباب في حداثة سنهم، هم في حاجة إلى أن يجدوا من يحتضنهم بالتوجيه والإرشاد والتقويم الصحيح لأفكارهم كي يعينهم على تجاوز هذه المرحلة الخطيرة في حياة البعض منهم. وهذا ما كنت أرجو أن يكون مع كشغري، أن يجد من يحتضنه بالمناصحة والإرشاد وتبيين الضلال الذي وقع فيه فيعينه على الخروج من القاع المظلمة التي سقط فيها، إن ذلك خير من التسابق إلى حمل السيف لنيل شرف قطع رقبته!! فقطع رقبته سهل ولكن إرشاده وإعادته إلى حظيرة الهدى هو الشرف الحقيقي. إن حمزة كشغري ليس أبا جهل ولا أبا لهب ولا فرعون ولا حتى الرسام الدينماركي في إصرارهم على الجرم وتكبرهم وتجبرهم، كشغري سرعان ما أدرك غلطته وشعر بفداحة الجرم الذي وقع فيه، فعاد في اليوم التالي نادما تائبا مستغفرا، وكنت أرجو أن ينتهي أمره عند هذا الحد، فهو لم يصر على ذنبه ولم يكابر ولم يعاند كما أنه لم يؤخر توبته إلى ما بعد القبض عليه، لذا كنت أرجو أن يؤدب ويوجه ويرشد ويكتفى بذلك. إن الرسول صلى الله عليه وسلم رسول رحمة وهدى، وسيرته الشريفة تحوي مواقف كثيرة كان فيها أصحابه تأخذهم الغيرة على الدين فيقدمون على تصرفات فيها قسوة وعنف، فينهاهم ويرشدهم إلى أساليب أخرى للتعامل مملوءة بالرفق والرحمة والأخذ بيد المخطىء نحو ما يعينه على تجاوز الخطأ ويقوده نحو الهداية. فالعنف المملوء بالكراهية الذي يفوح من خطاب البعض عند حديثهم عن هذا الشاب الذي أخطأ في حق الرسول العظيم عليه ألف صلاة وسلام، لايستقي شيئا من خلق الرسول الكريم، فديننا فيه فسحة لمن تاب وأناب حتى وإن كان من أغلظ البشر، فما بالك والمذنب هنا شاب حدث السن لايزال يتعثر في فكره المراهق غير الناضج؟. إن من حق ديننا العظيم علينا أن لا نشوه صورته فنجعله يظهر أمام غير المسلمين كما لو أنه دين إرهاب وقتل وحب لسفك الدم لايقبل التوبة ولا يعرف التسامح، حتى وإن تراجع المذنب وأعلن توبته.. هدى الله شباب المسلمين وأنار عقولهم وثبتهم على الحق.. وصلى الله على نبينا محمد وسلم. فاكس: 4555382 1 للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة