بوصول المشير عبد ربه منصور هادي، إلى سدة الحكم في اليمن في الواحد والعشرين من فبراير الجاري في حالة فوزه، تكتمل ملامح الصورة الوطنية القائمة على تمكين جغرافيا هامة ومفصلية من حقها الديمقراطي في الإمساك بزمام القيادة؛ ضمن تفكير ووعي جديدين أفرزتهما ثقافة التغيير ليصل من خلالها الأفراد باختلاف مناطقهم وأفكارهم إلى أعلى المواقع، ضمن آلية ديمقراطية تؤسس للتنوع لا للتشرذم، وللشراكة لا للاحتكار في لحظة وطنية فارقة اعتبرها واحدة من لحظات التاريخ الخالدة، ومن أنبل ما أنجزته الحكمة اليمانية على مر العقود الماضية. أن يأتي الجنوب حاكما لأهم المفاصل والمواقع في مشروع الدولة اليمنية الحديثة؛ هو إعادة الاعتبار لوحدة 22 مايو 1990م وترسيخ لسلميتها، ووأد للأصوات الانفصالية التي لا ترى أبعد من أنفها، وتعمل بدأب الانتحاريين على خلق حالة من الإحباط والتقوقع داخل هوية ضيقة تتجاوز هوية اليمن الكبرى والممتدة والمحفورة في ذاكرة التاريخ ووجدانه.. ولأن اليمن بلد شاق بحكم الجغرافيا، وحضاري بحكم التاريخ فإن المسافة بين مشروعي الوحدة والانفصال تحمل من الشقة الكثير لا يجترح جماليات الوحدة فيها إلا الكبار الذين يعون أن مشاريع التفتيت هي مشاريع هلامية وانفعالية، وغير ذات جذور حتى في الوعي البرجماتي المحض الذي يستحضر معاني القوة وتنوع الثروات، والثقل السكاني المؤهل والإيجابي. إن الجنوب اليوم يمتلك القرار السياسي، والإرادة الشعبية لصنع التحولات، وتجاوز عثرات الواقع، والخروج بالوطن من عاصفة التحديات التي تواجهه وإيجاد دولة مدنية موحدة حديثة يسود فيها النظام والقانون وتختفي منها مظاهر التعصب والقبلية والمذهبية خاصة أنهم أصحاب مشروع مدني تحديثي لهم بصماتهم التاريخية على مستوى العالم وتحديدا في جنوب شرق آسيا الذين نشروا فيه الإسلام وتفننوا في جوانب الاقتصاد والتجارة وباعتبار أن هويتهم مفتوحة ومتعددة وتتحرر في مناطق الآخر البعيد فلن تضيق بهم هويتهم الأم كيمنيين عليهم أن يلتقوا ويرفعوا رؤوسهم جميعا في لحظة مكاشفة ناجحة. • كاتبة يمنية