من أنا ؟!.. سؤال يجيبه الكثير منا.. البعض توصل إلى إجابة، والبعض الآخر مازال مشتتا. يحدث هذا لأن في داخل كل منا أكثر من شخص، نتيجة ثقافة التناقض التي نعيشها، لدرجة أن في دواخل بعضنا مجموعة أشخاص يدعون كذبا أنهم شخص واحد، فنحن في بيوتنا نختلف عنا في أماكن عملنا أو مناسباتنا، وكذلك بين أصدقائنا. نظهر أحيانا في صورة ملاك «المدينة الفاضلة»، وأحيانا في صورة شيطان، وتسيطر علينا في أحيان أخرى غرائز فطرية، لا نرعوي في ترشيدها، فنحل وثاقها ونطلقها ترعى في حمانا وحمى غيرنا بطريقة قد تأنف منها مخلوقات حرمت من العقل والضمير. نحن في مجتمع يعيش حالة فصام حاد، ومشكلة مركبة، مجتمع تصور فيه الأرانب على أنها أسود، وصغير الغنم يبدو كذئب، والحكيم العادل يصبح ظالما جائرا معدوم الإنسانية والوعي والضمير بين عشية وضحاها. فاجعة نخشاها، ووحشية نأباها، ونجاهد أنفسنا خشية السقوط في مزالقها، اتكاء على مجموعة قيم ورثناها كأمة، وغرسها آباؤنا وأمهاتنا في ضمائرنا لتحصينها ضد إشعاعات ضارة تحيط بها، مصدرها نفوس ضعيفة تراكم فيها العفن الأخلاقي. أتمنى ألا تطول هذه الحالة فتموت وجوهنا الأصلية، وأن لا نعتاد على ممارسات قميئة لأفراد يتزينون بجلودنا، ويشربون من جماجمنا، فالشعيرات الحساسة في مجرى الشم، تموت إذا ألفت رائحة كريهة. رغم ذلك، مازال الحلم الجميل مستمرا في الوصول إلى ذواتنا والحفاظ على الحد الأدنى من الإنسانية في تعاملنا مع أنفسنا ومع من هم حولنا. وهج: نفقد اللذة الحقيقية للحياة حين نتخلى عن قيم الإنسان. E: [email protected] Twitter: @mmasrahi