تعرض جيل السبعينيات والثمانينيات لتحديات ثقافية واجتماعية واقتصادية مختلفة، ومزيج معقد من الصعوبات الداخلية والخارجية، أولها إعادة تعريف الهوية وإثبات الذات، وليس آخرها التعامل مع طوفان الثورة المعلوماتية التي غيرت وجه العالم و البشرية. وسط اتهامات جزافية وصمته بالاتكالية، وألقت على عاتقه الغض مسؤولية اهتزاز الأسس الاجتماعية، وحملته وزر ما كانت تراه تداعيا للقيم والعادات والتقاليد. وليس لأنني أحد أفراده، ولكن الواقع يؤكد أن هذا الجيل تمكن من احتواء الموجة، وصمد في وجه العواصف وتجاوز كل صعب، وبزغت من بين ظهرانيه نجوم واعدة لمعت في مجالات شتى، وذاع صيتها داخليا وبصورة أكثر تحديدا على مستوى القطاع الخاص، وخارجيا بما أنجزته ثلة من المبتعثين ممن لفتوا نظر العالم بإيمانهم أولا وبانتمائهم وولائهم ثانيا، ثم بتفوقهم ومنافستهم علميا مع من سبقوهم سواء على مستوى التطور في مفهومه الشامل، أو على المستوى المشروع التنموي الذي اعتمد الشباب نواته وأساسه وقاعدته المتينة. الشباب بمختلف فئاتهم وشرائحهم ومستوياتهم العلمية والثقافية، هم بلا شك صناع المستقبل، وعليهم تعتمد البلاد والعباد بعد الله سبحانه وتعالى في البناء والتقدم، بما منحهم الله من وعي مكنهم من استيعاب المتغيرات المحلية والإقليمية والعالمية، والتأقلم معها بل ودخول منظومتها كأعضاء مؤثرين فاعلين لا مجرد متلقين فقط، والوطن إذ يعول عليهم الكثير في تحصين أفراده فكرا وتعاطيا وأسلوب حياة فإنما يعول على أهم ركن فيه، عماد الأمة الذي لا يقوم البناء ولا تستقيم الحياة إلا به. إن مزيدا من النضج والعمل الفاعل المحقق لأهدافهم وأهداف الوطن، سيفتح أمامهم آفاقا أرحب، وفرصا أوسع لتقديم أنفسهم على قاعدة المسئولية المتبادلة بين الوطن مجتمعا ومؤسسات وبين أبنائه وعلى رأسهم الشباب «النموذج». وهج حضارة الأمم تبنى بالمزج الإيجابي بين تراثها وحداثتها وتهدم بالانسلاخ من أساساتها. E-mail: [email protected] Twitter: @mmasrahi