تكمن القوة الحقيقية للاقتصاد وقدرته على النمو الحقيقي في سلامة المنظومة الاقتصادية، التي تعبر عنها الخصائص التي تحددها مجموعة من المؤشرات. ويتسم الاقتصاد السعودي بخصائص اقتصادية إيجابية تعكسها مجموعة من المؤشرات تم بموجب بعضها تصنيف السعودية كواحدة من أكبر 20 اقتصادا في العالم، كما يتم وفقا لبعض المعايير تصنيف المملكة من خلال تلك المؤشرات ضمن الدول الأكثر استقرارا اقتصاديا، الأكبر في تصدير أو استيراد السلع والخدمات، أو الأفضل في معدلات نمو المؤشرات الاقتصادية الكلية، مثل زيادة الناتج المحلي الإجمالي، وزيادة الإنفاق الحكومي، ونقص الدَّين العام، وتحسن ميزان المدفوعات، وتكوين رأس المال الثابت. وعلى الرغم من أن هذه المزايا التي انعكست إيجابيا على المملكة قد تحققت بفضل حجم احتياطياتها وإنتاجها وصادراتها النفطية، ومركزها في سوق الطاقة ومواردها المالية وحجم اقتصادها في المنطقة، فإن الدور الكبير لقطاع النفط هو نفسه الذي يضيق خيارات التنمية وفرص العمل ويؤخر فعالية الجهود التي تبذلها المملكة لتحقيق هدف تنويع قاعدتها الاقتصادية وتحقيق الاستغلال الأمثل لمواردها، فالاقتصاد يستمد قوته من استثمار عوائد النفط في زيادة مؤشرات الأداء في قطاعات إنتاجية متنوعة، وتزيد من قدرتها على مجابهة التحديات التي تواجه الاقتصاد نتيجة اختلال بعض المؤشرات الديموجرافية مثل ارتفاع معدلات نمو السكان المواطنين، بمعدل يقارب ضعف متوسط المعدل في الدول النامية، وأربعة أضعاف المعدل في الدول المتقدمة، وارتفاع نسبة صغار السن فى المجتمع، بالإضافة إلى تزايد أعداد العمالة الوافدة ومرافقيهم بمعدل مرتفع جدا، ما يؤثر بشدة على سوق العمل والقدرة على إيجاد حلول فعالة لمشاكل البطالة بالإضافة إلى عدم كفاية خدمات التعليم والصحة والإسكان والنقل البري والبحري والجوي، وتزايد الاحتياج للاستثمار في البنية الأساسية خاصة فى قطاعي الماء والكهرباء، لتلائم الزيادة السكانية. وتؤثر المؤشرات اقتصادية إيجابيا في التحديات الأخرى مثل استمرار اختلال هيكل الإنفاق لصالح قوى الاستهلاك على حساب قوى الادخار والاستثمارات الإنتاجية أو الجاذبة للتقنيات الحديثة وتوطينها، وعدم قدرة القطاع الصناعي على تلبية الطلب المحلي الاستهلاكي والاستثماري واستمرار محدودية الطاقة الاستيعابية للأسواق المحلية بسبب الاعتماد المفرط على الاستيراد، فبجانب المؤشرات التي تميز الاقتصاد وتظهر تفوقه في بعض الجوانب، يجب العمل على استكمال المؤشرات الإيجابية المعبرة عن سلامة المنظومة الاقتصادية بعد تقليص الاعتماد على النفط كمصدر إيرادات وتحويل الثروة المالية من النفط إلى اقتصاد وطني أكثر تنوعا يشمل كافة قطاعاته الصناعية، والتعليمية، والصحية، وارتفاع مساهمة الصادرات غير النفطية في مجموع الصادرات الوطنية، وارتفاع نسبة القيمة المضافة للقطاع الخاص في قيمة الناتج المحلي الإجمالي.