سعدت كثيراً بتصريح وزير المالية الدكتور إبراهيم العساف عندما أشار إلى أن نظام المنشآت الصغيرة والمتوسطة حالياً لدى اللجنة الوزارية العليا للتنظيم الإداري، وأشار إلى أن ذلك يبحث باهتمام وعناية سواء بإنشاء هيئة عليا أو أن تقوم بها إحدى المؤسسات. على أن ذلك يعتبر تحولا في التعاطي الحكومي مع إشكالية خروج المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من السوق، حيث أثبتت الدراسات أن 90 % من المنشآت الصغيرة والمتوسطة تخرج خارج السوق خلال الثلاث السنوات الأولى من ممارسة نشاطها، مما يؤكد أن هناك عدة عوائق تقف أمام تنمية هذا القطاع، جزء منها حكومي مثل الإشكاليات الإجرائية ومعوقات التمويل وجزء منها خاص مثل الخبرة والمعرفة المهنية والعلمية، وعدم القيام بدراسات جدوى اقتصادية. غير أن ثمة مبادرات عديدة مثل برنامج كافلة لتمويل المنشآت الصغيرة وبنك التسليف وباب رزق جميل، ولكن المعضلة تتمثل في عدم وجود عمل تكاملي ما بين هذه المبادرات. ومع ذلك نتفق جميعاً أنها السلاح الفاعل لمواجهة معضلة الاقتصاد الأحادي؛ فالسعودية تعتمد بشكل جوهري على النفط كمصدر أساسي للإيرادات، على الرغم أن الدراسات العلمية أكدت أن مساهمة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الإنتاج المحلي تتجاوز 80 %. وزيادة عن ذلك أنها تستوعب من 50 % إلى 70 % من مهن السوق، وبالتالي هي علاج وسلاح؛ علاج للبطالة وسلاح لبناء الاقتصاد الوطني. فتجربة نمور آسيا كشفت أن المؤسسات الصغيرة كانت نقطة تحول في اقتصادها سواء في تجربة اليابان بعد الحرب العالمية الثانية أو تجربة ماليزيا في عهد مهاتير. وكنت قد أشرت في مقالات سابقة إلى أهمية دور هذه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في تنمية الاقتصاد؛ فمستقبلنا ومستقبل أجيالنا القادمة مرتبط بمادة قابلة للنضوب مما يحتم علينا التفكير مليئاً في إيجاد بدائل ذات جدوى، وتساهم في مجال تنويع مصادر الدخل. وهذا يعني أن قرار إنشاء هيئة عليا للمنشآت الصغيرة والمتوسطة ضرورة وليس ترفاً، على أن يكون لها استقلالية لحركتها التشريعية وملتصقة بهموم الشباب، مما يجعلها تحقق المعادلة التي تتمثل في تنمية المؤسسات الصغيرة، جاعلة الباحث عن عمل ليكون صاحب عمل. [email protected]