ترك شيخ قبيلة بلجرشي محمد بن مصبح (يرحمه الله) إرثا وتاريخا كبيرا يحكي مددا زمنية متفاوتة لكافة قرى منطقة الباحة تصل لأكثر من قرنين ونصف جمعها في متحف بات الآن مشهورا يقصده الكثير من المؤرخين والمهتمين والزوار من داخل وخارج المملكة. فقبل نحو 32 عاما بدأ الشيخ محمد بن مصبح في جمع العديد من الموروثات الشعبية بمختلف أنواعها والتي تختص بقرى وهجر ومحافظات منطقة الباحة في ركن صغير بمنزله إبان إقامته في محافظة جدة لم تتجاوز في ذلك الوقت 400 قطعة. وحين انتقاله بشكل دائم للمنطقة بعد استلامه مشيخة قبيلة بلجرشي عام 1419ه زاد اهتمامه وشغفه في جمع ما يمكن الحصول عليه حتى لو تطلب الأمر السفر ودفع الأموال مقابلا لذلك، وبالفعل حصل على آلاف الموروثات الشعبية من العديد من أبناء المنطقة سواء من كان منهم مقيما أو يقطن خارجها، وبدأ في تكوين متحف في صالة مصغرة بالقرب من منزله في قرية الجلحية بمحافظة بلجرشي. ومع مرور الأيام بدأت الصالة تضيق بمحتوياتها فقرر تخصيص جزء من أملاكه لبناء متحف خاص ومستقل وموسع بشكل مناسب يفي بالغرض، حتى باتت تأتيه الاتصالات الهاتفية والزيارات الشخصية من أشخاص كثر وجميعهم يعرضون عليه المزيد من القطع الأثرية ولم يتردد في قبولها أو مساومتهم على قيمتها المالية بالنظر لحرصه واهتمامه في الحصول على ما يعزز ويضيف المزيد والجديد لمحتويات المتحف، وبصرف النظر عن قيمتها المالية مهما بلغت. وكانت العروض من القطع الأثرية تنهال على الشيخ ابن مصبح بكثرة ما دعاه لإضافة توسعة كاملة للمتحف وبناء الصالات والمداخل والمخارج بما يتناسب والنمط المعماري القديم للمنطقة وينسجم مع محتويات المتحف الذي يضم ثماني صالات كبيرة تحتوي على أكثر من أربعة آلاف قطعة تشمل أدوات الزراعة والموازين والمكاييل والحبوب والأسلحة البيضاء والبنادق والملابس والحلي النسائية، إضافة لمعرض الصور الذي يشتمل على صور الملوك والأمراء في مراحل سنية مختلفة. متحف ابن مصبح حظي بتشريف صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سعود أمير المنطقة السابق والذي افتتحه بشكل رسمي عام 1425ه، في حين تجاوز عدد الزوار منذ افتتاحه أكثر من 100 ألف زائر. وكان الشيخ ابن مصبح (يرحمه الله) قد أوضح ل«عكاظ» أن أقدم قطعة يضمها المتحف يتجاوز عمرها 250 سنة، في حين كلفه بناء وجمع محتوياته ما يزيد على أربعة ملايين ريال، إذ تتجاوز قيمة بعض القطع الأثرية سواء ما يتعلق بالسيوف أو البنادق 30 ألف ريال.