سيطرت «نظرية المؤامرة» على مناقشات نواب مجلس الشعب (البرلمان) المصري لملابسات المجزرة الكروية التي وقعت في مدينة بورسعيد وأسفرت عن مقتل 74 شخصا وإصابة نحو 1000 آخرين. ووافق المجلس بالأغلبية في جلسة طارئة أمس على توجيه الاتهام بالتقصير لوزير الداخلية اللواء محمد ابراهيم يوسف، بينما أمر النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود بالتحفظ على مدير أمن محافظة بورسعيد. وخير رئيس مجلس الشعب محمد سعد الكتاتني الاعضاء بين احالة توجيه الاتهام لوزير الداخلية الى لجنة الشؤون التشريعية والدستورية أو أن يمضي المجلس في اجراءات الاتهام مباشرة، ووافقت الاغلبية على الاختيار الثاني برفع الايدي. وتلقى الكتاتني طلب توجيه الاتهام للوزير من العضو عصام العريان نائب رئيس حزب الحرية والعدالة (الذراع السياسية لجماعة الاخوان المسلمين) الذي حصل على توقيعات 120 عضوا آخرين على الطلب. وقال العريان في كلمة القاها في الجلسة «أتقدم باسم زملائي بطلب اتهام لوزير الداخلية بالتقصير في أداء عمله»، مضيفا «هذا التقصير يشمل عدم تطهير الوزارة من القيادات العليا المتواطئة». ولم يعرف على الفور متى يبدأ اتخاذ اجراءات توجيه الاتهام لوزير الداخلية الذي حضر الجلسة لكن لم يطلب الدفاع عن نفسه. وشهدت الجلسة غضبا شديدا من النواب الذين طالبوا بمحاكمة الأجهزة الأمنية، وتفسير «سبب تراخى» الأمن والجيش فى تأمين الشباب، وحذروا من الفوضى ووجود مخطط يتم تدبيره من النظام السابق وأعوانه ومن جهاز أمن الدولة السابق لجر البلاد لحرب أهلية. وطلب الدكتور محمد البلتاجى القيادى في حزب الحرية والعدالة، بانعقاد لجنة الدفاع والأمن القومى بشكل دائم لمتابعة الأحداث أولا بأول ومراقبتها، فيما دعا النائب حاتم عزام الى تشكيل فريق من اللجنة لمباشرة أعمال إعادة هيكلة وزارة الداخلية. وكان رئيس مجلس الوزراء كمال الجنزوري أعلن في وقت سابق في الجلسة نفسها انه وافق على قبول استقالة محافظ بورسعيد اللواء أحمد عبدالله، كما قرر ايقاف مدير الامن اللواء عصام سمك، ومدير المباحث العميد مصطفى الرزاز، واحالتهما الى التحقيق بشأن الاحداث التي أعقبت المباراة التي جرت بين النادي المصري البورسعيدي والاهلي القاهري. وقال رئيس لجنة الشباب والرياضة في المجلس أسامة ياسين ان اجتماعا مشتركا للجنة ولجنة الدفاع والامن القومي سبق جلسة المجلس وأوصى بإقالة وزير الداخلية والنائب العام عبدالمجيد محمود الذي قال ان اقالته تضمن اجراء تحقيقات نزيهة في الاحداث التي تلت تنحي الرئيس السابق حسني مبارك وأوقعت نحو 100 قتيل في اشتباكات بين محتجين وقوات من الجيش والشرطة. وأضاف أن اللجنتين توصيان أيضا بمحاكمة محافظ بورسعيد ومدير الامن ومجلس ادارة النادي المصري البورسعيدي. وعقد المجلس الأعلى للقوات المسلحة اجتماعا طارئا بكامل هيئته برئاسة المشير حسين طنطاوى رئيس المجلس وتناول الاجتماع التدابير والإجراءات اللازمة لمواجهة تداعيات هذه الأحداث المأساوية. وأعلن المجلس الحداد العام في البلاد لمدة 3 أيام. وقرر وزير الخارجية محمد كامل عمرو تنكيس أعلام مصر على جميع السفارات والقنصليات المصرية في الخارج. وكان رئيس الوزراء المصري كمال الجنزوري عقد في وقت سابق أمس اجتماعا مع اللجنة الأمنية بمجلس الوزراء بحضور كل من فايزة أبو النجا وزيرة التعاون الدولي، محمد إبراهيم وزير الداخلية، ممتاز السعيد وزير المالية، فتحي فكري وزير القوى العاملة والهجرة، ووزير البترول المهندس عبدالله غراب؛ لبحث معالجة ازمة ضحايا احداث بورسعيد. وأصيب عدة مئات من المتظاهرين في مصادمات مع قوات الأمن البارحة في الشوارع المجاورة لوزارة الداخلية في وسط القاهرة أمس. وأفادت عناصر فرق الإسعاف التي هرعت إلى موقع الأحداث أن عدد المصابين تجاوز 388 معظمهم أصيبوا بحالات اختناق جراء إطلاق عناصر الأمن المركزي القنابل المسيلة للدموع للحيلولة دون اقتحام المتظاهرين لمقر الوزارة. ورد المتظاهرون برشق قوات الأمن بالحجارة ورددوا هتافات «الداخلية بلطجية»، و«يسقط يسقط حُكم العسكر»، و«النهاردة آخر يوم»، و«ارحل ارحل يا مشير» في إشارة إلى المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يدير شؤون البلاد حاليا و«يا شهيد نام وارتاح واحنا نكمل الكفاح». كما دمر متظاهرون غاضبون البارحة واجهة مبنى محكمة إمبابة في الجيزة احتجاجا على ما اعتبروه «حالة الانفلات الأمني المتعمد التي تعانيها البلاد».