عندما أعلن (تويتر) فرضه قيودا على تغريدات مستخدميه التي تخالف قوانين دولهم، تذمر الكثيرون وقرر البعض مقاطعته يوما احتجاجا على القرار؛ مبررين إياه بتبريرات متباينة؛ منها أنه يهدف لإرضاء اليهود أو أنه جاء نتيجة لدخول مستثمر عربي كمساهم في الموقع وفرضه لإرادته، أو أنه قرار سياسي للحد من الثورات العربية التي استفاد منها الإسلاميون. هذه كانت بعض التبريرات التي قيلت ولا أتفق شخصيا مع أي منها. دعوني أولا أؤكد على أن السبب الرئيس لشهرة وشعبية (تويتر) هو شفافيته وانفتاحه ودعمه لحرية التعبير، وإدارة الموقع تدرك هذه الحقيقة تماما وهي ليست من السذاجة بمكان لكي تعرض مصداقية موقعها للخطر إرضاء لمستثمر أو فئة معينة أو لتتآمر مع دولة ضد دولة أخرى. لا أحد ينكر قدرة الضغوط السياسية والمالية في التأثير على وسائل الإعلام خاصة الإعلام التقليدي.. والإعلام الجديد ليس معصوما أيضا من ذلك التأثير. الفرق هو أن للإعلام الجديد وتحديدا شبكات التواصل الاجتماعي حساسية شديدة تجاه بعض الأساسيات التي بني عليها ذلك الإعلام وأهمها الشفافية وحرية التعبير التي دونها سينفض المستخدمون عنه ويتجهون إلى وسائل أخرى بديلة. وتويتر رغم شعبيته إلا أنه ليس الأوحد في الساحة فهناك أكثر من 400 موقع اجتماعي يمتلك بعضها الإمكانات للانقضاض على حصته فور اهتزاز ثقة مستخدميه فيه. من ناحية أخرى، فإن هناك صعوبات في متابعة 100 مليون مستخدم نشط ينشرون قرابة مليار تغريدة كل أربعة أيام، إضافة لسهولة الهرب من تلك الرقابة عبر حجب الآي بي أو استخدام البروكسي أو بتغيير رمز الدولة في إعدادات تويتر إلى دولة أخرى. أخيرا، تخيلوا لو أن مغردا شتم ديننا وشكوناه وقامت تويتر بحجب تغريداته، ألن نكون سعداء حينها؟ ينبغي علينا إذن بدلا من التعجل بإصدار الأحكام الانتظار لرؤية الكيفية التي ستطبق بها تويتر القرار ثم الحكم حينها بالقبول أو الرفض. ولنتذكر دوما أن هناك حدودا لحرية التعبير نحن أول من سيطالب بها لو تجاوزها أحد للإساءة إلينا.