عندما دعيت للكتابة في عكاظ في واحدة من أهم مراحلها الانتقالية في تعاملها مع القارئ ضمن تطويرها اليوم، كنت أول ما فكرت فيه أن استثمر الفرصة للتعريف بانتقالي من عملي الأول كمهندس صوت في الإذاعة أتابع المعدين والمذيعين في برامجهم هنا وهناك مرافقا في إنجازها، طبعا كان هذا في الوقت الذي كنت أحمل فيه طموحا كبيرا لمواصلة تعزيز موهبتي في الموسيقى كعازف وملحن. أما عن العزف فكنت أواصل ممارسة هواية العزف لآلة الكمان مرافقا لكبار الفنانين محمد علي سندي ومحمود حلواني وطلال مداح ومحمد عبده إلى جانب عملي الرئيسي كمهندس صوت في الإذاعة، لكن تداعي وجداني وذبوله أمام الموسيقى جعلني أواصل الإصرار لأن أكون ذلك الموسيقي والملحن حامل الموهبة الأكبر فأصريت على ذلك بلا تهاون إلى أن جاءت فرصة قدوم المطربة التونسية زهيرة سالم لينطلق أول لحن لي من حنجرتها ويكون التالي كبار مطربينا .. المهم في الموضوع أنني عندما تم نقلي إلى القسم الموسيقي ووجدت نفسي موسيقيا صغيرا بين الكبار ولا أرى أمامي إلا تلقي الأوامر من الكبار، أقعد هن؟ أعزف هذا؟ وما إلى ذلك إلى أن تولد عندي إصرار وعامل تحدي في أن أرأس القسم الموسيقي لإذاعة وتلفزيون جدة، وما كان ليتأتى ذلك لي إلا بتحقيق حلم يتلخص في الدراسة والاجتهاد ومواصلة التعامل مع آلة الكمان والتلحين بل والتأليف الموسيقي سيما أنني كنت أرى كل من هو أمامي دارسا للموسيقى مثل طارق عبدالحكيم وغازي علي وعبده مزيد وأحمد عنبر وغيرهم. كما قلت هذا الإصرار تولد وأمامي عظام من المتناولين للموسيقى مثل مطلق الذيابي وعلي باعشن لذا اتجهت لتحقيق هذا الهدف ورئاسة القسم لكي أنهي بعض الاستصغار لي وأنا الذي أعرف نفسي كصاحب ثقل فني كبير اكتسبته من دعم والدي رحمه الله لي ولموهبتي الموسيقية إلى جانب استزادتي من ضيوف والدي في المحل والبيت حيث كان كبار الفنانين ونجوم الكرة والمجتمع هم ضيوفنا. دعم حبي لوصفي بالملحن اثنان هما محمد عبده عندما دفع لي بنص غنائي لتلحينه بعد أن كنت أرافقه كعازف كمان فقط. والثاني كان الأمير بدر بن عبدالمحسن عندما وثق بي وهو شاعر شاب وناشئ لألحن له نص «سهر والدنيا نعسانة» لمحمد عبده في العام 1969 وقام بأدائه في مسلسله الشهير أغاني في بحر الأماني. وعندما ترأست القسم وأصبح هناك من يعجبه هذا وهناك من لم يعجبه ذلك. وقفت بكل ما أوتيت من عزم وصبر لتحقيق هدف أهم وهو صناعة قسم موسيقي حديث يلبي مطالب موسيقيين ومغنين سعوديين كبار فسعيت إلى أخذ موافقات لتجهيز استوديو خاص ومجهز للموسيقيين ولتسجيل الموسيقى الصرفة للبرامج الإذاعية. رأيت بترؤسي للقسم أنني أحقق آمالي لصالح الموسيقى السعودية. واعتقد أني كنت محقا في أن تكون الرئاسة حلمي.