«خرج وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم الأخير في القاهرة، بخطة إنقاذية لسورية، تشابه الخطة الخليجية التي أخرجت اليمن من المأزق الذي استمر لأشهر طويلة، وذلك في سياق مناقشة التقرير الصادر عن بعثة المراقبين العرب إلى سورية. وهذه الخطة صيغت بعناية حتى لا تصطدم بالاعتراض الروسي، حيث إنها تتضمن بنودا تفصيلية وخارطة طريق لا تؤدي إلى الإسقاط الكامل لمؤسسات الدولة، بما يؤدي إلى الفوضى والحرب، ولا تبقي على الأوضاع كما كانت قبل مارس 2011، مع بعض الإصلاحات الشكلية التي لم تعد ترضي الشارع الثائر، ولا المعارضة التي تظهر لأول مرة في كيانات وجبهات عريضة ومتنوعة. كما أن هذه الخطة المرسلة إلى مجلس الأمن من أجل الإحاطة بها وتأييدها، لا تتضمن أية إجراءات عقابية، ولا تمهد الطريق صراحة إلى تدخل دولي من أي نوع، وهي في حقيقة الأمر تجعل الأمر صعبا للغاية على النظام السوري وحلفائه الإقليميين والدوليين الذين يرفضون التغييرات الجذرية في بنية النظام القائم بذريعة مواجهة المؤامرة الخارجية ورفض التدخل الخارجي، كما تكشف الموقف الحقيقي للنظام من دعوات التغيير السلمي حيث لم يتأخر أركانه عن تبني الحل الأمني صراحة مع الادعاء بأن هذا الخيار الذي أظهر فشله على مدى الأشهر الماضية، وأدى إلى نتائج عكسية تماما، هو خيار شعبي ولم نعلم كيف يكون هذا الخيار شعبيا وهو يستهدف شرائح شعبية آخذة في الاتساع؟ وهل حدث استفتاء شعبي، أو استطلاع علمي لآراء الشعب السوري حتى يصح وصف هذا الخيار بأنه شعبي؟ أم أن النظام كعادته يصادر الرأي ويضع خيارات الشعب رغما عنه، ويتحدث باسمه دون تفويض حقيقي عبر انتخابات حرة ونزيهة يطالب بها المعارضون منذ عشرات السنين؟ إن اللجوء إلى خيار قتل المعارضين حفاظا على السلطة، لن يؤدي أيضا إلا إلى مزيد من انحسار هيبة السلطة ونفوذها في مساحات جديدة في طول سورية وعرضها، وصولا إلى تفكك الدولة نفسها ودخول نفق الحرب الأهلية الذي دخله لبنان من قبل ولم يخرج منه إلا بجهود مضنية، وبعد مضي خمسة عشر عاما كاملة، ولا تزال ندوب تلك المراحل السوداء تظلل الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية حتى أيامنا هذه. وأن على القوى الإقليمية والدولية الداعمة للنظام السوري، أن تدرك أن دعمها المطلق له وتزويده بالسلاح والمال، يعني أنها ستكون شريكا حقيقيا في التداعيات والمآلات الخطيرة التي تهدد الأمن والسلم في المنطقة، حيث لن تكون تلك القوى بمنأى عن الآثار السلبية، وهي استطرادا تهدد المصالح الحيوية التي تدافع عنها تلك القوات، عبر دعمها لهذا الخيار لحسم الصراع على سورية وفيها، كما أن محاولة إعادة السيطرة بالقوة على القرى والمدن الثائرة لا تعني سوى سقوط أعداد كبيرة من السوريين من كلا الجانبين وتدهور الأوضاع الإنسانية وتدفق مزيد من اللاجئين وهذه العوامل ستدفع حتما إلى تدخل دولي رغم كل المعوقات الحالية، وهو الأمر الذي يحاول تجنبه النظام السوري وحلفاؤه.