متيمون بتراثنا ونعشقه إلى درجة تشبعنا بالمهرجانات التراثية الجميلة، لكن يسكننا حزن صامت، ولو تأملنا قليلا لوجدنا أحد أهم مسبباته حشرنا في ترسانة من الأسمنت، ومغادرة الطبيعة بالتخلي عن طينها وثرائها اللوني وصولا إلى نزعة إهلاك البيئة نتيجة أطماع الإنسان والتخبط الإداري العاجز عن تحقيق معادلة الجمع بين قيم النماء المستدامة مع المحافظة على التراث والبيئة والطبيعة. مفارقة أن إهلاك البيئة وترك التراث المعماري والحرفي يتآكل ويندثر، يؤدي بنا لاتخاذ رد فعل يفسره السفر والتنقل بحثا عن الخضرة والطبيعة، هربا من حصار الأسمنت والأسفلت وألوان التحويلات القبيحة المتفشية كالوباء في طرقاتنا. ** تبهرني المهرجانات التراثية التي نحبها ولا نمل منها وتقيس لنا نسبة الإقبال عليها توجهاتنا النفسية والعاطفية وحجم الحنين إلى ماضينا، ما يتم استعراضه فيها من مهن قديمة ومشغولات وحرف يوحي بالزخم الذي يستعرض أمامنا ورش عمل، نستنتج منها حجم هدر طاقات الخبراء والمبدعين من عارضات وعارضين لحرفهم وتنازع مهن البعض منهم من أجل البقاء، والبعض يحتضر خاصة مهنة خصف الخوص واستثمار مخلفات النخيل والأشجار وتحويلها إلى قطع فنية..! ** أتعاطف مع الحرفيات والحرفيين وما أحبوه وعملوا عليه بشغف وهو قيد الاندثار، وربما كانوا تحت خط الفقر وهذه المهرجانات فرص استثمارية مؤقتة.. لم نتحرك لحماية الحرف حماية فعلية تدعم تنويع مصادر الدخل القومي لننتقل بالصناعات اليدوية «والصناعة الوطنية» من مرحلة طق الحنك والتصريحات إلى مصانع تفسر حضارتنا لنا وترسخها لتحترمها الأجيال بيننا، ثم ننتقل إلى مرحلة نقل هذه الحضارة للآخر الذي لا يعرفنا تاريخا ولا ماضيا حتى تتغير صورتنا «النفطية» المغرقة في القسوة، ونعامل كحضارة وشعب يدرك ثراء تاريخه وكيف عاش أجداده رغم شضف العيش كل ما في حياتهم مميز، ويحمل طابعا محببا ومريحا بدلا من رؤيتنا عبر زاوية نفطية مرتبطة بثروة زائلة بينما إرثنا التاريخي باق لا يزول وحفظه بتحويله إلى مورد اقتصادي هو السبيل لحمايته من الاندثار، هذا الإدراك يستدعي الخروج من التداول اللفظي والمهرجانات المؤقتة إلى اعتباره أسلوبنا وفلسفة حياتنا نحن، ويمكننا إعادة إنتاجه بطابع عصري مواكب. هذه دعوة لإعادة السماح ببناء منازل الطين التي تلامس الحنين في داخلنا إليها كلما شاهدنا أطلالها، مع معالجة المخاوف التي حولت ثقافتنا إلى أسمنتية قاسية بلا روح.. الحضارات لا تنهض بتغيير الطابع المعماري.. ومن حق الأجيال علينا تقوية نزعة الفخر بالجذور والإرث الثقافي والمهني وعدم السماح لذهاب مهن وحرف الأجداد إلى المتحف لنحييها بالمهرجانات الموسمية. [email protected] للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 239 مسافة ثم الرسالة